فصل : فإذا ثبت ما ذكرنا من لغو اليمين لم تخل اليمين من أن تكون بالله تعالى أو بغيره ، فإن كانت بالله تعالى سبق بها لسانه وجرت بها عادته ،
فقال : لا والله ، أو قال : بلى والله غير قاصد لعقد يمين فلا مأثم عليه ولا حنث ، ولو نزه لسانه منها كان أولى ، لئلا يجعل اسم الله تعالى عرضة ليمينه ، وقد قال الله تعالى :
ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم [ البقرة : 224 ] ، فأما إن قال : لا والله ، بلى والله ، فجمع بينهما ، كان الأول لغوا : لأنها غير مقصودة وكانت الثانية منعقدة ؛ لأنها استدراك فصارت مقصودة ، فإن كانت
اليمين بغير الله من طلاق وعتاق سبق بها لسانه لغوا من غير قصد ، ولا عقد دين فيها فلم يؤاخذ بها في الباطن ، وكان مؤاخذا بها في الظاهر ، بخلاف اليمين بالله في أنه لا يؤاخذ بلغوها في الظاهر ولا في الباطن : لأن كفارة الحنث بالله من حقوقه المحضة ، فاستوى فيها حكم الظاهر والباطن ، والحنث في الطلاق والعتاق والحقوق المشتركة بين حقوق الله تعالى وحقوق الآدميين ، فلم يؤاخذ بها في الباطن لاختصاصه بحقوق الله ، وكان مؤاخذا بها في الظاهر لاختصاصه بحقوق الآدميين ، والله أعلم .