فصل : فإذا تقرر ما وصفنا ، فلا يخلو حاله في يمينه هذه من بر أو حنث : فإن بر في يمينه بأن تزوج عليها على الفور في قوله : إذا لم أتزوج عليك فأنت طالق ، أو على التراخي في قوله : إن لم أتزوج عليك فأنت طالق . كان بره معتبرا بوجود عقد نكاح صحيح على مكافئة لها في النسب والجمال ، أو غير مكافئة ، وقال مالك : لا يبر حتى يتزوج عليها من يكافئها في نسبها وجمالها ، فإن تزوج دونها في النسب والجمال لم يبر : لأن قصده بيمينه إدخال الغيظ عليها ، وغيظها يختص بمن يكافئها ، فأما من لا يكافئها فهو نقص يدخل عليه دونها ، وهذا فاسد من وجهين :
أحدهما : أن حكم الأيمان معتبر بصريح الألفاظ دون المقاصد والأغراض ، والاسم موجود في الحالين فاستوى حكمهما في البر ؛ ولأنه لما استوى حكمهما في الحنث إذا
قال : إن تزوجت عليك فأنت طالق ، أنه متى تزوج عليها مكافئة أو غير مكافئة حنث كذلك وجب أن يستوي حكمهما في البر إذا
قال : إن لم أتزوج عليك فأنت طالق ، أنه متى تزوج عليها مكافئة أو غير مكافئة أن يبر ، وما اعتبر من إدخال الغيظ عليها ، ولو قلب عليه بأن إدخال الغيظ عليها بنكاح غير المكافئة أكثر لكان أشبه ، وإن لم يكن إدخال الغيظ عليها معتبرا ومتى وجد العقد استقر البر ، ولم يكن الدخول فيه شرطا في البر ، وقال
مالك : لا يبر بالعقد حتى يقترن به الدخول : لأن مقصود العقد في إدخال الغيظ عليها وهذا خطأ من وجهين :
أحدهما : أنه لما لم يعتبر الدخول فيه إذا علق بالحنث كذلك لا يعتبر إذا علق بالبر .
[ ص: 298 ] والثاني : أنه زيادة لم تذكر ، فكان ملغى كالحبل .