الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : " ولا يجزئه إلا أن يعطي حرا مسلما محتاجا " .

قال الماوردي : اعلم أن مصرف الكفارة فيمن يجوز أن يصرف إليه سهم الفقراء والمساكين من الزكاة ، وهو من جمع من الفقر والمسكنة ثلاثة أوصاف : الحرية ، والإسلام ، وأن لا يكون من ذوي القربى ، فأما العبد فلا يجوز دفعها إليه ؛ لأنه لا يملكها ولأنه غني بسيده ، وكذلك المدبر وأم الولد ، والمعتق بعضه : لأن سيد رقه يأخذ منها قدر حقه وهو غني ، وكذلك المكاتب ، ولا يجوز صرف الكفارة إليه ، وجوز أبو حنيفة - رضي الله عنه - صرفها إليه كالزكاة ، وهذا فاسد ؛ لأن حكم الزكاة أوسع لما يجوز من صرفها إلى الأغنياء من المجاهدين ، وأحد صنفي الغارمين ، والكفارة أضيق ؛ لأنه لا يجوز صرفها إلى غني بحال : ولأن المكاتب تجري عليه أحكام الرق .

وأما الكافر فلا يجوز دفع الكفارة إليه ، وكذلك الزكاة سواء كان ذميا أو حربيا .

وقال أبو حنيفة : لا يجوز أن تصرف إليه زكاة المال ويجوز أن تصرف إليه الكفارة وزكاة الفطر ، إن كان ذميا أو معاهدا : ولأنه يجوز دفعها إليه إن كان حربيا . ودليلنا هو أنه من لا يجوز دفع زكاة المال إليه لم يجز أن يدفع إليه الكفارة ، وزكاة الفطر ، كالحربي ولأنه حق يخرج للطهرة ، فلم يجز صرفه لأهل الذمة كزكاة المال ، وأما ذوو قربى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يجوز أن تصرف إليهم الزكوات ولا الكفارات ، وإن جوزه أبو حنيفة فيما قدمناه ، واستوفيناه والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية