[ ص: 311 ] مسألة : قال
الشافعي : " ولو أن
رجلا كفر عن رجل بغير أمره فأطعم أو أعتق لم يجزه ، وكان هو المعتق لعبد فولاؤه له " .
قال
الماوردي : اعلم أنه لا يخلو
حال من كفر عن غيره بغير إذنه من أن يكون مكفرا عن حي أو ميت ، فإن كفر عن حي لم يجز
الكفارة عن الحي : لأن النية فيها مستحقة ، وعدم الإذن مانع من صحة النية ، فكان ما أخرجه النائب واقعا عن نفسه ، فإن كان إطعاما كان صدقة ، وإن كان عتقا كان تطوعا منه وله ولاؤه ، وإن نواه عن غيره كمن حج عن حي بغير أمره ، كان الحج واقعا عن الحاج دون المحجوج عنه .
وقد اختلف الفقهاء في ولاء من
أعتق عبده عن غيره ، فجعله
أبو حنيفة للمعتق بكل حال ، وجعل مالك للمعتق عنه بكل حال ، وجعله
الشافعي للمعتق إن أعتق بغير أمره ، وللمعتق عنه إن أعتق بأمره ،
وإن كفر عن ميت ، فلا يخلو أن يكون بوصية أو بغير وصية ، فإن كان بوصية كانت الوصية أمرا ، فيصير كالمكفر بأمر ، فيكون على ما مضى ، وإن كفر عنه بغير وصية منه ، فلا يخلو المكفر عنه من أن يموت موسرا أو معسرا ،
فإن مات موسرا ، فوجوب الكفارة باق في تركته ، فإن كفر عنه منها غير وارث ولا ذي ولاية كان ضامنا متعديا ، ولم يسقط به الكفارة ، وإن كفر عنه منها وارث ، فإن كان التكفير طعاما أجزأ ، وصار كقضاء الديون الواجبة عنه ، وإن كان
التكفير عتقا فضربان :
أحدهما : عتق لا تخيير فيه كالعتق في كفارة الظهار والقتل ، فيجزئ ، وإن كان بغير أمر ولا وصية ؛ لأنه عتق مستحق ، فإذا فات من ضمنه بالموت وجب على من قام مقامه في ماله كالحج لا يجوز أن يحج عنه في حياته إلا بإذنه ، ويجب على وارثه الحج عنه فيما وجب بعد موته .
والضرب الثاني : أن يكون عتقا فيه تخيير ، كالعتق في كفارة اليمين ، ففيه وجهان :
أحدهما : لا يصح ؛ لأن التخيير فيه يمنع من تعيين وجوبه .
والوجه الثاني : يصح ؛ لأنه إذا ناب عن واجب صار واجبا وهذان الوجهان بناء على اختلاف أصحابنا في ما وجب في كفارة اليمين وسائر كفارات التخيير هل وجب بالنص أحدها ، أو وجب به جميعها ، وله إسقاط الوجوب بأحدهما ، فأحد وجهي أصحابنا أن الواجب بالنص أحدها على وجه التخيير ، فعلى هذا لا يصح العتق .
[ ص: 312 ] والثاني : أن جميعها واجب بالنص ، وله إسقاط جميعها بفعل أحدها ، فعلى هذا يصح العتق .
وإن مات المكفر عنه معسرا ، فقد اختلف أصحابنا هل يكون التكفير بعد موته معتبرا بالواجب أو بالتطوع ؟ على وجهين :
أحدهما : يكون معتبرا بالواجب ، فيكون على ما مضى .
والوجه الثاني : يكون معتبرا بالتطوع ، فيكون على ما يأتي .