مسألة : قال
الشافعي : " ومن له أن يأخذ من الكفارة والزكاة ، فله أن يصوم وليس عليه أن يتصدق ولا يعتق ، فإن فعل أجزأه " .
قال
الماوردي : اعلم أن
مصرف الكفارات في الفقراء والمساكين خاصة ،
ومصرف الزكاة في الفقراء والمساكين ، وفي بقية أهل السهمان الثمانية ، فاشترك الفقراء والمساكين في الكفارات والزكاة ، واختصت الزكاة ببقية الأصناف دون الكفارات . هذا الكلام في مصرفها .
فأما وجوبها ،
فكل من وجبت عليه الزكاة وجب عليه التكفير بالمال ، وقد يجب التكفير بالمال على من لا تجب عليه الزكاة إذا ملك أقل من نصاب ، وقد يجب التكفير بالمال على من يحل له الزكاة والكفارة ، وهو من وجدها فاضلة عن قوته وقوت عياله ، ولا يصير بفضلها غنيا ، فيجب عليه التكفير بالمال دون الصيام ، لوجودها في ملكه فاضلة عن كفاية وقته ، ويحل له أن يأخذ من الزكوات والكفارات لدخوله في حكم الفقر والمسكنة بعدم الكفاية المستديمة ، وقد يسقط التكفير بالمال ويعدل عنه إلى الصيام من يحرم عليه أخذ الزكاة والكفارة ، وهو الجلد المكتسب قدر كفايته في كل يوم من غير زيادة يكفر بالصيام دون المال لعدمه في ملكه ، وتحرم عليه الكفارة والزكاة ، لاستغنائه عنها بمكسبه .
فإن قيل : فإذا كان الأمر على هذا التفصيل ، فلم قال
الشافعي : ومن له أن يأخذ من الكفارة والزكاة فله أن يصوم ، وقد قلتم فيما فضلتم : إنه قد يجوز أن يأخذ من الزكاة والكفارة من لا يجوز أن يصوم عنه في الكفارة ، فمنه جوابان :
أحدهما : أن
الشافعي أشار إلى الأغلب من أحوال الناس ، والأغلب ما قاله .
والثاني : أن
الشافعي قصد به
أبا حنيفة حيث
اعتبر الغنى والفقر بوجود النصاب وعدمه ، وهو عنده معتبر بوجود الكفاية المستديمة فيكون غنيا ، وإن لم يملك نصابا إذا كان مكتسبا بيديه ، ويكون فقيرا وإن ملك نصابا إذا كان دون كفايته ، وقد أوضحنا ذلك في قسمة الصدقات .