الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا تقرر ما وصفنا لم يخل حاله في كمال فروضه من ثلاثة أقسام :

أحدها : ما يفوت بتأخيره إلى حال الكمال ، وذلك مثل صلاة العريان والمتيمم وكفارة المتمتع ، ففرضه تعجيل أدائه على غنى .

والقسم الثاني : ما لا يفوت بتأخيره ولا يدخل عليه ضرر بالتأخير مثل كفارة اليمين والقتل وزكاة الفطر ، ففرضه إذا قدر على الكمال أن يؤخره إلى حال الإمكان .

والقسم الثالث : ما لا يفوت بتأخيره ، لكن يلحقه بالتأخير ضرر مثل كفارة الظهار يلحقه بتأخيرها ضرر في امتناعه من الجماع ففيه وجهان :

أحدهما : يجب تأخيرها باليسار في بلده حتى يعتق لأنه غني .

والوجه الثاني : يجوز أن يعجل التكفير بالصيام : لأنه مستضر ، وهكذا حكمه لو كان ضالا أو مغصوبا لا يجوز أن يكفر حتى يقدر على ماله فيكفر به ، فإن تلف ماله قبل وصوله إليه لم يخل حاله من أحد أمرين :

أحدهما : أن يقدر على التكفير له قبل وصوله إليه بأن يكاتب أو يراسل إلى بلد المال بالتكفير عنه ، فلا يفعل حتى يتلف المال ، فهذا في حكم من كان موسرا عند الوجوب معسرا عند الأداء ، فيكون في تكفيره بالصيام على قولين :

أحدهما : يجوز أن يكفر به إذا اعتبر بها حال الأداء .

[ ص: 318 ] والثاني : لا يجوز أن يكفر إلا بالمال إذا اعتبر بها حال الوجوب .

والحال الثانية : أن لا يقدر على التكفير بالمال حتى يتلف ، فيجزئه التكفير بالصيام قولا واحدا لإعساره في حالتي وجوبها وأدائها ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية