الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : " ولو اشترى رقبة بشرط يعتقها لم تجز عنه " .

قال الماوردي : قد مضت هذه المسألة في كتاب البيوع إذا اشترى عبدا بشرط العتق ، فللشافعي في البيع والشرط ثلاثة أقاويل :

أحدها : أن البيع والشرط باطلان ، وهو مذهب أبي حنيفة ، فعلى هذا إن أعتقه عن كفارة لم يجزه ؛ لأنه أعتق ما لم يملك ، وقال أبو حنيفة : يجزئه ، ويكون مأخوذا بعتقه ، لأجل الشرط حكاه أبو ثور عن الشافعي احتجاجا بأن عائشة رضوان الله عليها اشترت بريرة بشرط العتق ، فأجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيع وأمضى الشرط ، فعلى هذا لا يجزئه عتقه عن كفارته ؛ لأنه يصير عتقا بسببين ، ولا يجزئ في الكفارة إلا عتق رقبة يختص بسببها .

والقول الثالث : أن البيع جائز والشرط باطل ولا يلزمه عتقها عن غير الكفارة ، فعلى هذا إن أعتقها في الكفارة ، ففي إجزائها وجهان :

أحدهما : تجزئ ؛ لأنه عتق بسبب واحد ، وهو التكفير .

والوجه الثاني : أنها لا تجزئ لأن الشرط قد أخذ من الثمر قسطا ، فصار العتق في مقابلة عوض فجرى مجرى العتق بسببين ، وخرج عما انفرد عتقه عن التكفير .

التالي السابق


الخدمات العلمية