[ ص: 333 ] باب الوصية بكفارة الأيمان والزكاة
مسألة : قال
الشافعي رحمه الله : " من لزمه حق المساكين في زكاة أو كفارة يمين أو حج ، فذلك كله من رأس ماله يحاص به الغرماء " .
قال
الماوردي : أما
أخص الحقوق بتركة الميت فهو الكفن ومئونة الدفن يقدم على حقوق الله تعالى وحقوق الآدميين ، وإن استوعبت جميع التركة . وأما غيره من الحقوق فضربان :
أحدهما : ما كان من
حقوق الآدميين كالديون فلا خلاف أنها لا تسقط بالموت لقول الله تعالى :
من بعد وصية يوصي بها أو دين [ النساء : 11 ] ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=925409نفس الميت معلقة بدينه حتى يقضى وأما
حقوق الله تعالى من الزكوات والكفارات والحج والنذور ، فمذهب
الشافعي أنها لا تسقط بالموت ، سواء وجبت باختياره كالكفارات والنذور أو بغير اختياره كالزكوات والحج ، وقال
أبو حنيفة : يسقط جميعها بالموت ، وفرق بعض الفقهاء بين ما وجب باختياره فسقط بالموت ، وما وجب بغير اختياره فلا يسقط بالموت ، وعكس بعضهم هذا فأسقط بالموت ما وجب بغير اختياره لم يسقط به ما وجب باختياره ، وقد حكى
الشافعي هذه المذاهب كلها في كتاب الأم ، وقد قدمنا الكلام مع
أبي حنيفة في كتاب الزكاة والحج بما أغنى عن الإعادة فإذا تقررت هذه الجملة لم يخل حاله بعد الموت فيما لزمه من الحقوق من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يكون جميعها من
حقوق الآدميين فهي على ثلاثة أضرب :
أحدها : أن يتعلق جميعها بالذمة ، فجميع أربابها أسوة في التركة ، إن اتسعت لها قضي جميعها ، وإن ضاقت عنها تحاصوها بينهم على قدر ديونهم .
والضرب الثاني : أن يكون جميعها متعلقة بالعين كالرهن والعبد الجاني ، فإن اختلفت العينان اختص كل واحد منهم بالعين التي تعلق حقه بها ، وإن تعلقت حقوقهم بعين واحدة اشتركوا فيها بقدر حقوقهم منها .
والضرب الثالث : أن يكون بعض الحقوق ثابتا في الذمة ، وبعضها متعلقا بالعين
[ ص: 334 ] فيقدم ما تعلق بالعين على ما تعلق بالذمة ؛ لأن صاحب العين قد جمع بين حقين ، وتفرد صاحب الذمة بأحدهما .