مسألة : قال
الشافعي : " ولو حنث ثم أعتق وكفر كفارة حر أجزأه لأنه حينئذ مالك ، ولو صام أجزأه : لأن حكمه يوم حنث حكم الصيام " قال
المزني " رحمه الله : قد مضت الحجة أن الحكم يوم يكفر لا يوم يحنث ، كما قال : إن حكمه في الصلاة حين يصلي كما يمكنه لا حين وجبت عليه " .
قال
الماوردي : وصورتها في عبد
حلف في حال رقه ، ثم حنث وأعتق ، فلا يخلو حال حنثه من أحد أمرين :
إما أن يكون في رقه أو بعد عتقه .
فإن حنث بعد عتقه ، فهو في الكفارة كالحر لوجوبها عليه وهو حر ، فإن كان موسرا كفر بالمال ، وإن كان معسرا كفر بالصيام ، فإن عدل عنه إلى المال أجزأه ، سواء كان إطعاما أو عتقا ، وإن حنث في حال رقه وقبل عتقه ولم يكفر حتى أعتق ، فإن كان بعد عتقه معسرا كفر بالصيام ، وإن كان موسرا فعلى قولين :
أحدهما : لا يكفر إلا بالمال من إطعام أو كسوة أو عتق إذا قيل : إن المعتبر بالكفارة حال الأداء ، أو أغلظ الأمرين من حال الوجوب أو حال الأداء .
والقول الثاني : يجوز أن يكفر بالصيام إذا قيل : إن المعتبر بالكفارة حال الوجوب .
فإن أراد أن يعدل عن الصيام إلى المال من إطعام أو كسوة أو عتق ، فإن قيل : إن العبد يجوز أن يكفر بالمال على قوله في القديم أنه يملك إذا ملك ، كان بعد عتقه أولى بالجواز ، وإن قيل إنه لا يجوز للعبد أن يكفر بالمال على قوله في الجديد أنه لا يملك إذا ملك ، فهل يجوز له بعد عتقه أن يكفر بالمال ؟ على وجهين :
أحدهما : يجوز ؛ لأنه عند تكفيره حر فأشبه الحر المعسر .
والوجه الثاني : لا يجوز ؛ لأنه لو أراد التكفير بالمال عند الوجوب لم يجزه ، بخلاف الحر المعسر الذي لو كفر بالمال أجزأه ، فلزمه استصحاب هذا الحكم بعد عتقه لاستقرار وجوبه في حال رقه ، فصار في محصول تكفيره ثلاثة أوجه :
أحدها : لا يكفر إلا بالمال .
والثاني : لا يكفر إلا بالصيام .
[ ص: 341 ] والثالث : أنه مخير بين التكفير بالمال أو بالصيام .