مسألة : قال
الشافعي : " وإن
حلف أن لا يأكل طعاما اشتراه فلان فاشتراه فلان وآخر معه طعاما ولا نية له ، فأكل منه لم يحنث " .
قال
الماوردي : وهو كما قال ، إذا
حلف لا يأكل طعاما اشتراه زيد ، فاشترى زيد وعمرو طعاما صفقة واحدة ، فأكل منه لم يحنث .
وقال
أبو حنيفة : يحنث احتجاجا بأمرين :
أحدهما : أنه قد أكل طعاما قد اشتراه زيد ، وعمرو ، فوجب أن يحنث كما لو اشترياه في صفقتين .
[ ص: 353 ] والثاني : إلزام لنا أنه لما أجرى
الشافعي على اجتماعهما في الشراء حكم الصفقتين في انفراد كل واحد منهما ، بالرد بالعيب ، وجب أن يجري عليه حكم الصفقتين في الحنث .
ودليلنا شيئان :
أحدهما : أن الشراء عقد إذا اشتركا فيه ، لم ينفرد أحدهما به واختص كل واحد منهما في العرف بنصفه ، فلم تكمل الصفة ، فلم يقع الحنث لأن الأسماء في الأيمان يختص بالعرف .
والثاني : أن كل جزء من الطعام لم يختص الحالف بشرائه ، فإن قل فوجب أن لا يقع له الحنث كما لو حلف ، لا دخلت دار زيد ، فدخل دارا بين زيد وعمرو ، أو حلف لا يلبس ثوب زيد ، فلبس ثوبا بين زيد وعمرو لم يحنث بوفاق
أبي حنيفة ، كذلك يلزمه أن لا يحنث بطعام اشتراه زيد وعمرو .
فأما الجواب عن استدلاله بالشراء في صفقتين مشاعا فهو أن كل جزء من أجزاء الطعام قد اشترى زيد نصفه ، بعقد تام فوجد شرط الحنث ، وإذا كان بعقد واحد فهو مشترك ، فلم يكمل شرط الحنث فافترقا .
وأما الجواب عما ذكره من الرد بالعيب ، فهو أن الأيمان والأحكام وإن اشتركا في اعتبار الأسماء فقد افترقا في غيرها ،
فاعتبر العرف في الأيمان ، واعتبر المعنى في الأحكام ، فصار هذا الفرق مانعا من اشتراكهما في تعلق الحكم بهما على سواء .