مسألة : قال
الشافعي : " ولو
حلف لا يدخل على فلان بيتا فدخل على رجل غيره بيتا ، فوجد المحلوف عليه فيه لم يحنث : لأنه لم يدخل على ذلك ، وإن علم أنه في البيت فدخل عليه حنث في قول من يحنث على غير النية ولا يرفع الخطأ ( قال
المزني ) رحمه الله : قد سوى
الشافعي في الحنث بين من حلف ففعل عمدا أو خطأ " .
قال
الماوردي : وصورتها أن
يقول : والله لا دخلت على زيد بيتا فيدخل عليه ، فهذا على ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يدخل عليه في بيته الذي هو ساكنه إما بملك أو إجارة أو غصب ، فإن كان ذاكرا ليمينه حنث ، وإن كان ناسيا ففي حنثه قولان ، وكذلك إذا دخل عليه مكرها على ما سنذكره من توجيه القولين :
أحدهما : يحنث بنفس الدخول .
والثاني : لا يحنث بنفس الدخول ، ولا باستدامته مع تعذر الخروج ، فإن أمكنه الخروج فأقام ولم يخرج حنث باستدامة الدخول قولا واحدا ؛ لأنه قد وجد منه العقل وتجدد منه الذكر فصار كالعمد .
والقسم الثاني :
أن يدخل عليه في مسجد فقد نص
الشافعي في كتاب الأم أنه لا يحنث لأن اسم البيت ينطلق على المسجد مجازا ، والحقيقة أن يسمى مسجدا ، فحمل على الحقيقة دون المجاز ، وعند
مالك يحنث ؛ لأنه يعتبر الأسباب .
والقسم الثالث :
أن يدخل على عمرو بيتا ، فيكون زيد المحلوف عليه عنده في بيته ، فقد اختلف كلام
الشافعي في حنثه بهذا الدخول ، فاختلف أصحابنا فيه على أربعة أوجه :
أحدها : - وهو اختيار
المزني - أنه يحنث علم أنه بالبيت أو لم يعلم اعتبارا بالفعل دون القصد ، وهو قول من حنث العامد والناسي .
والوجه الثاني : وهو اختيار
الربيع أنه لا يحنث علم أنه في البيت أو لم يعلم ؛ لأنه داخل على غيره اعتبارا بالمقاصد .
والوجه الثالث : وهو اختيار
أبي العباس بن سريج أنه يحنث إن علم أنه في البيت
[ ص: 366 ] ولا يحنث إن لم يعلم ؛ لأنه مع العلم قاصد ومع الجهل غير قاصد ، وهذا قول من فرق بين العمد والخطأ .
والوجه الرابع : وهو مذهب
عطاء أنه إن لم يعلم به أو علم فاستثناه بقلبه لم يحنث ، وإن علم ولم يستثنه ، حنث ، تخريجا ممن
حلف لا يكلم زيدا ، فسلم على الجماعة وهو فيهم ، واستثناه بنيته لم يحنث على ما سنذكره من شرح المذهب فيه .