مسألة : قال
الشافعي : " ولو قال إلى حين فليس بمعلوم : لأنه يقع على مدة الدنيا ويوم ، والفتيا أن يقال له : الورع لك أن تقضيه قبل انقضاء يوم : لأن الحين يقع عليه من حين حلفت ولا نحنثك أبدا : لأنا لا نعلم للحين غاية " .
قال
الماوردي : أما الحين من الزمان فجمعهم لا حد له في الشرع عندنا ، وحده
أبو حنيفة بستة أشهر ، وحده
مالك بسنة ، فإذا
حلف ليقضينه حقه إلى حين لم يحنث على مذهب
الشافعي إلا بفوات القضاء بموته أو موت صاحب الحق .
وقال
أبو حنيفة : إن قضاه في ستة أشهر بر ، وإن قضاه بعدها حنث ، وقال
مالك : إن قضاه إلى سنة بر ، وإن قضاه بعدها حنث ، واستدلالنا على ذلك بقول الله تعالى :
تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها فقدره
أبو حنيفة بستة أشهر ؛ لأنها في النخل مدة حملها من أول طلعها إلى آخر جذائها ، وقدره
مالك بسنة ؛ لأنها تحمل من كل سنة ، فتكون من الإطلاع إلى الإطلاع ستة .
ودليلنا هو أن الحين اسم مبهم ، ينطلق على قليل الزمان ، كقوله تعالى :
فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون [ الروم : 17 ] ، وأراد به أقل من يوم ، وينطلق على مدة الدنيا لقوله تعالى :
ولتعلمن نبأه بعد حين [ ص : 88 ] ، يعني يوم القيامة ، وينطلق على ما بين الزمانين كقوله تعالى :
هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن [ الإنسان : 1 ] يعني تسعة أشهر هي مدة حمله ، وقيل : هي أربعون سنة إشارة إلى
آدم أنه صور من حمأ مسنون وطين لازب ، ثم نفخ فيه الروح بعد أربعين سنة ، وإذا اختلف المراد به في هذه المواضع دل على أنه مشترك لا يختص بزمان دون غيره ، وينطلق على قليل الزمان وكثيره ، وإذا كان كذلك وقضاه قبل موته ،
[ ص: 376 ] ولو بطرفة عين بر في يمينه ؛ لأنه قضاه في زمان ينطلق عليه اسم الحين ، قال
الشافعي رضي الله عنه : وأفتيه ورعا أن يقضيه في يومه ، وأن يحنث نفسه إن قضاه بعد انقضائه ، ليحمل على أقل ما ورد به الشرع ، وإن لم يلزم ذلك في الحكم .