فصل : فإذا استقر حكم هذه المقدمة في الطلاق ترتب عليها حكم العتق .
فإذا
قال لعبده : إن لم أضربك غدا ، فأنت حر ، فله ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يأتي غد وهو على ملكه ، فإن ضربه فيه قبل غروب شمسه بر ، ولم يعتق ، وإن لم يضربه حتى غربت شمسه مع القدرة على ضربه حنث وعتق عليه بغروب الشمس ، وإن عجز عن ضربه بإكراه أو نسيان ، ففي حنثه وعتقه قولان في حنث الناسي والمكره ، فإن جاء غد ، فلم يضربه حتى فات ضربه إما بموت السيد أو بهرب العبد أو بيعه ، فهذا على ثلاثة أضرب :
أحدها : أن يفوت الضرب وقد مضى من الغد ما لا يتسع للضرب ، فلا حنث عليه ولا عتق .
والضرب الثاني : أن يفوت الضرب وقد بقي من الغد ما لا يتسع لضرب ، فيحنث ويعتق عليه .
والضرب الثالث : أن يفوت الضرب وقد مضى من الغد ما يتسع للضرب ، ففي حنثه وعتقه وجهان :
أحدهما : يحنث ويعتق عليه لفوات ضربه بعد إمكانه .
[ ص: 404 ] والوجه الثاني : وهو اختيار
أبي حامد الإسفراييني أنه لا يعتق عليه ، لتقدمه على زمان عتقه .
والحال الثانية : أن يبيعه قبل مجيء غده ، ويبتاعه قبل انقضاء غده ، فلا يعتق عليه ، لأنه في زمان الحنث قد كان في غير ملكه .
وهذا قول جمهور الفقهاء .
وقال
ابن أبي ليلى : يعتق عليه ، وينتقض البيع ، ويرجع مشتريه بثمنه ، لاستحقاق عتقه قبل بيعه ، وهذا فاسد من وجهين :
أحدهما : أن نفوذ البيع قد أوجب زوال ملكه .
والثاني : أنه لو أعتقه مشتريه ، نفذ عتقه ، وإن رهنه قبل غده ، وافتكه بعد غده ، ففي عتقه عليه ثلاثة أقاويل من نفوذ العتق في العبد المرهون :
أحدهما : يعتق عليه في يساره وإعساره .
والثاني : لا يعتق عليه في يساره وإعساره .
والثالث : يعتق عليه في يساره ، ولا يعتق عليه في إعساره .
والحال الثالثة : أن يبيعه قبل غده ، ويبتاعه قبل غده ، ولا يضربه في غده ، فهذه يمين انعقدت في الملك الأول ، ووجد شرط الحنث في الملك الثاني ، ولم يمض شرط الحنث بين الملكين ، فيصير كعقد الطلاق في نكاح ، ووقوعه في آخر ، فيكون على قولين ، لكن اختلف أصحابنا هل يكون بيعه في الملك الأول جاريا مجرى الطلاق الثلاث في النكاح الأول أو مجرى الطلاق الرجعي فيه على وجهين :
أحدهما : - وهو الظاهر من قول
أبي إسحاق المروزي - أنه يجري مجرى الطلاق الرجعي ، لأنه لم يكن بين العقدين فيها شرط مانع ، فعلى هذا يعتق عليه في القديم قولا واحدا ، وفي الجديد على قولين .
والوجه الثاني : - وهو قول
أبي علي بن أبي هريرة - أنه يجري مجرى الطلاق الثلاث ، لأن البيع قد أزال حقوق الملك ، كما أزال الطلاق الثلاث حقوق النكاح ، فعلى هذا لا يعتق عليه في الجديد قولا واحدا ، وفي القديم على قولين .