فصل : إذا
قال : من تسريت بها من جواري ، فهي حرة ، فتسرى بجارية كانت في ملكه وقت يمينه عتقت .
وإن تسرى بجارية ملكها بعد يمينه لم تعتق ، لأنه لما لم ينفذ العتق قبل الملك ، لم تنعقد اليمين به قبل الملك .
فأما التسري الذي يعتق به ، فليس له في الشرع عرف ، والمعتبر فيه عرف اللغة والاستعمال .
فأما
اللغة ففيما اشتق منه التسري خمسة أوجه :
أحدها : أنه مشتق من السرور ، ولأنه مسرور بالاستمتاع بها . والثاني : أنه مشتق من السرو ، لأنها أسرى جواريه عنده .
[ ص: 409 ] والثالث : أنه مشتق من السراء ، وهو الظهر ، لأنها كالظهر المركوب .
والرابع : أنه مشتق من السرر وهو الجماع ، لأنها معدة لجماعه .
والخامس : أنه مشتق من الستر ، لأنه قد سترها بالخدر بعد البذلة ، وستر جماعها بالإخفاء .
وأما عرف الاستعمال في التسري ، فهو طلب الولد منها ، وذلك يكون بالإنزال والجماع ، وقد نص عليه
الشافعي في الأم في اللعان ، وهو الظاهر من مذهبه ، أنه يصير متسريا بها إذا جامع وأنزل ، ولا يصير متسريا إذا جامع ولم ينزل ، وبه قال
أبو يوسف . وقال
أبو حنيفة : يكون متسريا إذا جامع ولم ينزل ، وخرجه
أبو العباس بن سريج وجها ثانيا ، والأول أصح ، تغليبا لعرف الاستعمال على عرف اللغة ، لأن عرف الاستعمال ناقل .
واختلف في تخديرها عن أبصار الناس ، هل يكون شرطا في كمال السراء على وجهين :
أحدهما : أنه شرط فيه ، لأن عرف الاستعمال واللغة جاريان به ، فعلى هذا لا تعتق بالجماع وحده ، حتى يخدرها ويسترها .
والوجه الثاني : أنه ليس بشرط فيه ، لأن عرف الشرع لا يوجب تخدير الأمة ، فصار عرف الاستعمال مخصوصا به ، فعلى هذا تعتق بالجماع وحده ، وإن لم يخدرها .
فأما جماعها دون الفرج ، فلا يصير به متسريا وجها واحدا ، ووافق عليه
أبو حنيفة ، وليس على مذهب
مالك أن يكون به متسريا .