مسألة : قال
الشافعي : " ولو
حلف لا يأكل لحما فأكل شحما ولا شحما فأكل لحما " .
قال
الماوردي : أما اللحم والشحم ، فيجتمعان من وجهين ، ويفترقان من وجهين . فأما وجه اجتماعهما :
فأحدهما : أن الحيوان الواحد يجمعهما في التزكية والاستباحة .
والثاني : أن الشحم حادث عن اللحم ، وإن لم يكن اللحم حادثا عن الشحم ، فالشحم ما حوله اللحم ، واللحم ما تركب على العظم .
[ ص: 425 ] وأما وجه افتراقهما ، فأحدهما في الاسم ، لأنه لا ينطلق اسم أحدهما على الآخر .
والثاني : في صفته من لون وطعم حتى ماء اللحم أحمر كثيف الجسم ذو طعم ، والشحم أبيض رخو الجسم ذو طعم آخر ، فيحملان في الأيمان على حكم الافتراق . فإذا حلف لا يأكل لحما لم يحنث بأكل الشحم ، وإذا حلف لا يأكل شحما لم يحنث بأكل اللحم . وقال بعض الفقهاء - أحسبه
مالكا - : إذا حلف لا يأكل اللحم حنث بأكل الشحم ، وإذا حلف لا يأكل الشحم لم يحنث بأكل اللحم ، فجمع بينهما في اسم اللحم ، وفرق بينهما في اسم الشحم ، فافترقا ، احتجاجا بأمرين :
أحدهما : أن الله أطلق اسم الشحم على اللحم في قوله :
أو لحم خنزير [ الأنعام : 145 ] ، ولم يطلق اسم الشحم على اللحم .
والثاني : أن الشحم فرع اللحم ، لحدوثه عنه ، وليس اللحم فرعا للشحم ، لحدوثه عن غيره وهذا فاسد من وجهين ، يبطل بهما استدلاله :
أحدهما : أن افتراقهما في الاسم لا يوجب افتراقهما في الحكم .
والثاني : أن الاسم إذا كان له حقيقة ومجاز حمل على حقيقته دون مجازه .
فأما الآية فلأن أحكام الشرع تحمل على الأسماء والمعاني ، والأيمان تحمل على الأسماء دون المعاني .