فصل : فأما الفصل الثالث في وصول الألم إلى بدنه ، فليس بشرط في البر ، ولا حنث عليه إن لم يألم به .
وقال
مالك :
وصول الألم شرط في البر ، فإن لم يألم به حنث استدلالا بأمرين : أحدهما : أن مقصود الضرب بتأثيره ، وما لا ألم فيه لا تأثير له .
والثاني : أنه لما كان الألم في ضرب الحدود شرطا فيه وجب أن يكون في الأيمان شرطا فيها حملا لإطلاقها على عرف الشرع .
ودليلنا أمران : احتجاحا ، وانفصالا :
أحدهما : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع لضرب المقعد عثكالا ، ليدفع عنه الألم ، ويستقر به الحكم .
والثاني : أن الأيمان محمولة على الأسامي دون المعاني ، فجاز الاقتصار فيها على مجرد الضرب دون الألم بحصول الاسم ، والحدود أحكام تتعلق بالأسماء والمعاني ، فجاز أن يقترن بالاسم مقصوده من الألم .
فأما إن كان عليه لباس يمنع من وصول الضرب إلى بشرة بدنه اعتبر حاله ، إن كان كثيفا يخرج عن العرف ، ويمنع من الإحساس ، بالضرب لم يبر ، وإن كان مألوفا لا يخرج عن العرف ، ولا يمنع من الإحساس بالضرب بر ، وإن لم يألم ، والله أعلم .
[ ص: 454 ]