فصل : ولو
حلف لا يهب فحابى في بيع أو شراء لم يحنث بالمحاباة ، لخروجها عن الهبة بلزومها في العقد كما لو حلف لا يستوهب فغابن في البيع لم يحنث بالمغابنة ، ولو أبرأ من دين ، فإن جعل القبول شرطا في صحته حنث به ، وإن لم يجعل القبول شرطا فيه ، ففي حنثه وجهان :
أحدهما : يحنث به ؛ لأنه نوع من الهبة .
والوجه الثاني : لا يحنث به ؛ لتعلقه بالذمة دون العين ، ولو حلف لا يهب لمكاتبه فأبرأ من مال كتابته لم يحنث وجها واحدا ، لأن إبراء المكاتب عتق والعتق ليس بهبة ، ولو حلف لا يهب فعفا عن قود قد استحق لم يحنث ؛ لأن القود ليس بمال فإن جاز أن ينتقل إلى ماله ، وكذلك لو عفا عن الشفعة لم يحنث بها ؛ لأنه لا يجوز أن يعاوض عليها ، ولو وقف وقفا .
فإن قيل : إن رقبة الوقف لا تملك لم يحنث به ، وإن قيل : إنها تملك ففي حنثه وجهان :
أحدهما : يحنث به لنقل ملكه بغير بدل .
والوجه الثاني : لا يحنث به ؛ لأن ملكه غير تام بمنعه من كمال التصرف فيه .
ولو أولم ودعا إلى طعامه فأكل منه لم يحنث ؛ لأن طعام الولائم غير موهوب ، وإنما هو مأذون في استهلاكه على صفة مخصوصة ، سواء قيل : إن الآكل يتملكه بالأكل أو يتملكه بالتناول لما ذكرنا من التعليل .
ولو وصى بوصية لم يحنث بها ، لأنها عطية تملك بعد الموت ، والحنث لا يقع بعد الموت .
ولو أعار عارية لم يحنث بها ؛ لأن العواري تملك بها المنافع دون الأعيان ، والهبات ما ملك بها الأعيان ؛ ولأن ملك المنافع في العواري غير مستقر ما يستحقه المعير من الرجوع فيها متى شاء وهو تعليل
الشافعي .