فصل : وإذا
نذر أن يصلي في مسجد الخيف بمنى ، فإن كان من
أهل مكة لم يلزمه بهذا النذر أكثر من صلاة ركعتين ؛ لأنه في
الحرم الذي حرمته مشتركة ، وإن كان من غير أهل
الحرم لزمه هذا النذر ، كمن نذر المشي إلى
الحرم وفيما ينعقد به نذره وجهان :
[ ص: 479 ] أحدهما : ينعقد بما نذره من الصلاة في
الحرم إذا قيل : إنه يجوز له دخول
الحرم أحدهما : لا تتعين ويجوز أن يصليها في أي موضع شاء من
الحرم ؛ لأن حرمة جميع
الحرم واحدة ، ولأن يشاهد
الكعبة في صلاته أفضل من أن لا يشاهدها ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
النظر إلى الكعبة عبادة .
والثاني : يتعين عليه فعلها في
مسجد الخيف ، ولا يجزئه في غيره اعتبارا بصريح نذره ، وإن نذر الصلاة في
المسجد الأقصى لا تجزئه في غيره ؛ لرواية
أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
لو كنت امرأ من أهل مكة ما أتى علي سبت حتى آتي مسجد الخيف فأصلي فيه فهذا حكم الوجه الأول إذا قيل : إن نذره منعقد بما نذر .
والوجه الثاني : أن يلتزم بانعقاد نذره أن يحرم بحج أو عمرة إذا قيل : إنه لا يجوز له دخول
الحرم إلا بإحرام ، فعلى هذا في التزامه ما عقد به نذره من الصلاة وجهان :
أحدهما : لا يلزمه فعل الصلاة ؛ لأن الشرع قد نقل نذره إلى ما هو أعظم منه ، فلم يجمع عليه بين بدل ومبدل .
والوجه الثاني : أن فعل الصلاة لا تسقط عنه ؛ لأنه ملتزم بها بنذره ، وملتزم الإحرام بدخول
الحرم ، فصارت الصلاة واجبة عليه بالنذر ، والإحرام واجب عليه بالشرع ، فلم يجتمع فيه بدل ومبدل ، والله أعلم .