فصل : وأما الضرب الثاني : وهو أن
يعين نحره في غير الحرم كأنه عين نحره
بالبصرة ، فعلى ثلاثة أقسام أيضا :
أحدهما : أن ينذر نحره
بالبصرة ، وتفريق لحمه
بالبصرة ، فقد لزمه بالنذر تفريق لحمه
بالبصرة ؛ لأنه جعله لمساكينها ، فلم يجز أن يفرقه في غيرهم ، وفي وجوب نحره
بالبصرة وجهان :
أحدهما : - وهو قول
أبي إسحاق المروزي وظاهر ما نقله
المزني - أن عليه أن ينحره
بالبصرة ، ويصير النحر بها لازما بالنذر ، كما لو نذر نحره
بالحرم ، فإن نحره بغير
البصرة ضمنه .
والوجه الثاني : لا يلزمه نحره
بالبصرة ، ويستحب له ، وإن لم يجب عليه ؛ لأنه وإن دخل في نذره فليس للنحر
بالبصرة قربة ، لا توجد بغيرها ، وللنحر
بمكة قربة لا توجد في غيرها ؛ لاختصاصها بنحر الهدايا ؛ فلذلك تعين النحر في
الحرم ، ولم يتعين في غير
الحرم .
والقسم الثاني : أن
ينذر نحره بالبصرة وتفريق لحمه في غير البصرة ، فلا يلزمه نحره
بالبصرة ، إذا كان تفريق لحمه مستحقا في غيرها ، لأنه لا فضل لنحره فيها على نحره في غيرها ، بخلاف نحره في
الحرم الذي هو أفضل منه في غير
الحرم ، ولا يلزمه نحره في الموضع الذي يستحق فيه تفريقه ؛ لأنه غير مستقر في نذره ، وله نحره حيث شاء وإن كانت
البصرة لأجل التسمية أولى ، وإذا وصل لحمه طريا إلى مستحقه .
والقسم الثالث : أن
ينذر نحره بالبصرة ، ويطلق تفرقة لحمه ، فلا يجعله لمساكين
البصرة ولا لغيرهم . ففيه ثلاثة أوجه :
أحدها : يلزمه نحره
بالبصرة ، وتفرقة لحمه
بالبصرة ، اعتبارا بالنذر والعرف .
والوجه الثاني : يلزمه نحره
بالبصرة ، ويجوز تفرقة لحمه في غير
البصرة ، اعتبارا بالنذر دون العرف .
والوجه الثالث : يلزمه تفرقة لحمه
بالبصرة ، ويجوز له نحره في غير
البصرة ، اعتبارا بالعرف دون النذر ، لأنه لا فضيلة في تعيينها بالنذر .