الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وأما الضرب الثاني : وهو أن يعين نحره في غير الحرم كأنه عين نحره بالبصرة ، فعلى ثلاثة أقسام أيضا :

أحدهما : أن ينذر نحره بالبصرة ، وتفريق لحمه بالبصرة ، فقد لزمه بالنذر تفريق لحمه بالبصرة ؛ لأنه جعله لمساكينها ، فلم يجز أن يفرقه في غيرهم ، وفي وجوب نحره بالبصرة وجهان :

أحدهما : - وهو قول أبي إسحاق المروزي وظاهر ما نقله المزني - أن عليه أن ينحره بالبصرة ، ويصير النحر بها لازما بالنذر ، كما لو نذر نحره بالحرم ، فإن نحره بغير البصرة ضمنه .

والوجه الثاني : لا يلزمه نحره بالبصرة ، ويستحب له ، وإن لم يجب عليه ؛ لأنه وإن دخل في نذره فليس للنحر بالبصرة قربة ، لا توجد بغيرها ، وللنحر بمكة قربة لا توجد في غيرها ؛ لاختصاصها بنحر الهدايا ؛ فلذلك تعين النحر في الحرم ، ولم يتعين في غير الحرم .

والقسم الثاني : أن ينذر نحره بالبصرة وتفريق لحمه في غير البصرة ، فلا يلزمه نحره بالبصرة ، إذا كان تفريق لحمه مستحقا في غيرها ، لأنه لا فضل لنحره فيها على نحره في غيرها ، بخلاف نحره في الحرم الذي هو أفضل منه في غير الحرم ، ولا يلزمه نحره في الموضع الذي يستحق فيه تفريقه ؛ لأنه غير مستقر في نذره ، وله نحره حيث شاء وإن كانت البصرة لأجل التسمية أولى ، وإذا وصل لحمه طريا إلى مستحقه .

والقسم الثالث : أن ينذر نحره بالبصرة ، ويطلق تفرقة لحمه ، فلا يجعله لمساكين البصرة ولا لغيرهم . ففيه ثلاثة أوجه :

أحدها : يلزمه نحره بالبصرة ، وتفرقة لحمه بالبصرة ، اعتبارا بالنذر والعرف .

والوجه الثاني : يلزمه نحره بالبصرة ، ويجوز تفرقة لحمه في غير البصرة ، اعتبارا بالنذر دون العرف .

والوجه الثالث : يلزمه تفرقة لحمه بالبصرة ، ويجوز له نحره في غير البصرة ، اعتبارا بالعرف دون النذر ، لأنه لا فضيلة في تعيينها بالنذر .

التالي السابق


الخدمات العلمية