فصل : والقسم الثالث : أن
يخص اسم هديه بنوع من أجناسه فيقول : لله علي أن أهدي بدنة من الإبل ، فيصير نذر هديه مقصورا على ما نواه من خصوصه ، فلا يجزئه من غير الإبل ما كان قادرا على الإبل ، وفي اعتبار سنه وسلامته ما ذكرناه من الوجهين ، فإذا لم يجد الإبل ففي عدوله إلى بدلها وجهان :
أحدهما : لا بدل لها ، لأنه عينها في الوجوب ، فلم يجز العدول إلى غير ما أوجب ، وكانت البدنة باقية في ذمته حتى يجدها ، كما لو نذر عتق عبد ، فلم يجده كان في ذمته حتى يجده ، ولا يعدل عنه إلى بدل من صيام ، أو إطعام ، وإن كان بدلا منه في كفارة الظهار .
والوجه الثاني : أن يعدل عنها إلى بدلها ، وهي بقرة لأن المقصود بالنذر نفع المساكين بلحمها ، وهم منتفعون بلحوم البقر ، كانتفاعهم بلحوم الإبل ، ولهذا المعنى فارق نذر العتق ، فعلى هذا في حكم انتقاله إلى البقرة وجهان :
أحدهما : أن ينتقل إليها على وجه البدل دون القيمة ، فينتقل إلى البقرة قل ثمنها أو كثر ، فإن لم يجد البقرة ، انتقل عنها إلى سبع من الغنم ، فإن لم يجد لم يجز أن يعدل إلى إطعام ولا صيام ، وإن كانا بدلا منها ، في تكفير من أفسد حجه ، لأن اسم البدنة لا ينطلق عليهما .
والوجه الثاني : أنه يعدل إلى البقرة بأكثر الأمرين منهما ، أو من قيمة البدنة ، فإن كانت البقرة أكثر مما لزمه ، نحر بقرة ، وإن كانت قيمة البدنة أكثر صرفها فيما أمكن من البقر ولو في عشر بقرات ، فإن لم يجد البقر عدل إلى الغنم ، وفيه ما ذكرنا من الوجهين :
أحدهما : يعدل عنها إلى سبع من الغنم ، من غير اعتبار قيمة ، قل ثمنها أو كثر .
والوجه الثاني : يعدل إلى الغنم بالقيمة ، وفي القيمة التي يعدل عنها إلى الغنم ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يعتبر فيها أكثر الأمرين من قيمة البدنة ، أو سبع من الغنم ، لأن البدنة هي الأصل المنذور .
[ ص: 488 ] والوجه الثاني : يعتبر أكثر الأمرين من قيمة البقرة ، أو سبع من الغنم ، لأنه ينتقل عن البقرة إلى الغنم ، فكانت البقرة أصلا للغنم .
والوجه الثالث : يعتبر أكثر الأمور الثلاثة من قيمة البدنة ، أو قيمة البقرة ، أو سبع من الغنم ؛ لأن البدنة أصل البقرة ، والبقرة أصل الغنم ، فاعتبر أعظمها . والله أعلم .