فصل : لزوم العقد
وأما الشرط الثالث وهو
لزوم العقد : فهو معتبر في لزومه لأهل العمل وليس بشرط في لزومه للمولي والمولى لأنه في حقهما من العقود الجائزة دون اللازمة لأنها استنابة كالوكالة . ولا يلزم في حق المستنيب ولا في حق المستناب .
ويجوز للمولي أن يعزله إذا شاء .
والأولى بالمولي أن لا يعزله إلا من عذر .
وأن لا يعزل المولى نفسه إلا لعذر .
فإن كان العزل من المولي إشاعة حتى لا ينظر المولى بعد العزل فإن نظر بعده وقبل علمه بالعزل كان في نفوذ أحكامه وجهان كعقد الوكيل بعد عزله وقبل علمه .
وإن كان الاعتزال من المولى إشاعة ليقلد المولي غيره فإن حكم بعد اعتزاله رد حكمه .
فأما أهل العمل فالتقليد لازم في حقوقهم بإظهار الطاعة والتزام الحكم .
فإن امتنعوا من التزامه لعذر أوضحوه وإن كان لغير عذر أرهبوا .
فإن أقاموا على الامتناع حوربوا لأن التزام القضاء من الفروض فإذا امتنعوا من التزامه حوربوا عليه كما يحاربون على امتناعهم من الفروض ، ولزوم الطاعة صحة التقليد .
وعلمهم بها مختلف بقربهم وبعدهم .
فإن بعدوا من أن يشيع خبر التقليد فيهم أشهد المولى على نفسه شاهدين بالتقليد والعهد الذي تضمنته الولاية بعد قراءته عليهما وعلمهما بما فيه حتى يشهدا به عند أهل العمل ، فإن عرفوا عدالتهما لزمتهم الطاعة وإن لم يعرفوها لم تلزمهم الطاعة حتى يكشفوا عن العدالة .
[ ص: 24 ] وإن لم يشهد بها شاهدان وورد القاضي المولى فأخبرهم بولايته لا تلزمهم الطاعة إن لم يصدقوه .
وفي لزومها لهم إن صدقوه وجهان :
أحدهما : تلزمهم لأنهم اعترفوا بحقه عليهم .
والوجه الثاني : لا تلزمهم لما يتضمنها من إقرارهم على المولى .
وإن كان العمل قريبا من المولى أشاع الولاية حتى يستفيض بها الخبر .
وفي اكتفائه بالإشاعة عن الشهادة وجهان :
أحدهما : يكتفي بها لأنها أوكد .
والوجه الثاني : لا يكتفي بها حتى يشهد لأن الشهادة أخص .
فإن جعلت الإشاعة كافية لزمت الطاعة وإن لم تجعل كافية لم تلزم الطاعة .
وليس كتب العهد شرطا في التقليد ، قد كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن حزم كتابا ولم يكتب لمعاذ ، واقتصر على وصيته وإنما يراد العهد ليكون شاهدا بما تضمنه من صفات التقليد وشروطه .