فصل :
سبر الإمام أحوال البلاد قبل التقليد :
فإذا استقر ما ذكرنا من أحكام هذه المقدمة وأقسامها فعلى الإمام أن يسبر أحوال البلاد في القضاء ويكشف عن أحوال القضاة فيها .
فإذا علم أن في البلد قاضيا مستحقا للنظر سقط عنه فرضه .
وإن علم أن لا قاضي فيه أو فيه من لا يستحق النظر وجب عليه أن يقلد فيه قاضيا وكان ذلك عليه فرضا متعينا .
فإن كان في البلد من يصلح للقضاء كان تقليده لمعرفته به وبأهله أولى من تقليد الغريب .
فإن عدل عنه إلى غريب صح تقليده .
تقليد غير المعين :
فإن قلد الإمام غير معين فقال من نظر من أهل
البصرة في قضائها فهو مقلد من جهتي لم يجز لأنه قد يجوز أن ينظر فيه من ليس من أهله .
فإن قال : من نظر فيه من علمائه فقد قلدته لم يجز للجهل به .
فإن ذكر عدد الصور فقال إن نظر فيه يزيد أو عمرو أو بكر فقد قلدته لم يجز أيضا لأن المقلد منهم مجهول .
ولو قال إن نظر في قضاء
البصرة زيد فقد قلدته لم يصح تقليده وإن نظر فيه لأنه عقد علق بشرط .
ولكن لو ذكر عددا أسماهم وقلدهم ثم قال فأيهم نظر فيه فهو القاضي دون غيره صح التقليد في الناظر سواء قل العدد أو كثر لأنه جعل نظره عزلا لغيره ، ولم يجعله شرطا في تقليده .
[ ص: 27 ] ولو جعلهم جميعا ناظرين فيه بطل تقليدهم إن كثروا ، وفي صحته وإن قلوا وجهان على ما مضى والله أعلم .