كراهة اتخاذ الحاجب :
مسألة : قال
الشافعي - رضي الله عنه - : "
لا يكون دونه حجاب " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح يكره للقاضي أن يكون محتجبا لما ذكرناه .
ويكره أن يكون له حاجب على إذنه يكون وصول المتنازعين إليه موقوفا على إذنه .
روى
القاسم بن مخيمرة عن
أبي مريم صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=925465من ولي من أمور الناس شيئا فاحتجب دون حاجتهم وفاقتهم احتجب الله دون فاقته وفقره " .
وقلد
عمر سعد بن أبي وقاص الكوفة فقضى فيها زمانا بغير حاجب ثم اتخذ حاجبا فعزل
عمر حاجبه ، ولأنه ربما منع الحاجب ذا ظلامة لهوى ، وربما استعجل على الإذن وارتشى .
فإن اتخذ حاجبا في غير مجلس الحكم لم يكره له .
بل إذا احتجب عن الناس في غير مجلس الحكم وزمانه كان أحفظ لحشمته وأعظم لهيبته .
وكان بعض أصحابنا يقول : إنما يكره للقاضي اتخاذ الحاجب في زمان الاستقامة
[ ص: 30 ] وسداد أهله فأما في زمان الاختلاط والتهارج واستطالة السفهاء والعامة فالمستحب له أن يتخذ حاجبا يحفظ هيبة نظره ويمنع من استطالة الخصوم .
فأما الأئمة فلا يكره لهم اتخاذ الحجاب بل يستحب لهم بخلاف القضاة لأنهم ينظرون في عموم الأمور فاحتاجوا أن يفردوا لكل نظر وقتا يحرسه الحجاب عليهم ويمنعوا من دخول أصناف الناس في غير أوقاتهم ، وقد كان يرفأ حاجبا -
لعمر - رضي الله عنه - فاجتمع على بابه
أبو سفيان بن حرب وسهيل بن عمرو وسلمان وبلال وصهيب وجماعة من وجوه العرب فأذن
لسلمان وبلال وصهيب فتمعر وجه
أبي سفيان فقال
سهيل بن عمرو : يا
أبا سفيان : إن هؤلاء قوم دعوا ودعيت فأجابوا وتأخرت ، ولئن حسدتهم اليوم على باب
عمر لأنت غدا أشد حسدا لهم على باب الجنة ولولا الحجاب لما تميز هؤلاء بالسابقة ولا ترتب الناس بحسب فضائلهم وأقدارهم ، واستصعب الإذن على
المغيرة بن شعبة في خلوة أرادها مع
عمر - فرشا يرفأ حتى سهل له الإذن عليه ، وكان يسأل يرفأ أن يجلسه في الدهليز إذا تعذر عليه الوصول حتى يظن الناس أنه قد وصل حتى تبدو له منزلة الاختصاص بعمر فكان المغيرة أول من رشا ويرفأ أول من ارتشى في الإسلام .
ومن مثل هذا كره الحجاب لأن الحاجب ربما فعل ما لا يراه المحتجب ، وقد كان
الحسن حاجب
عثمان وقنبر حاجب
علي - رضي الله عنهم - .
شروط الحاجب :
والشروط المعتبرة في هذا الحاجب نوعان : واجب ومستحب .
فأما الواجب : فثلاثة : العدالة والعفة والأمانة .
وأما المستحب : فخمسة : أن يكون حسن المنظر جميل المخبر عارفا بمقادير الناس بعيدا عن الهوى والعصبية معتدل الأخلاق بين الشراسة واللين .