مسألة : قال
الشافعي ، رضي الله عنه : " وأحب
للمصلي أن يأخذ سلاحه في الصلاة ما لم يكن نجسا أو يمنعه من الصلاة أو يؤذي به أحدا ، ولا يأخذ الرمح إلا أن يكون في حاشية الناس " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح ليس يختلف مذهبه في استحباب أخذه والأمر به ، وإنما قوله في إيجابه فقال في القديم : أخذه في الصلاة واجب ، وقال في الجديد : أخذه في الصلاة استحباب .
وذكر أكثر أصحابنا أن المسألة على قولين :
[ ص: 468 ] أحدهما : أن أخذه واجب لقوله تعالى :
وليأخذوا أسلحتهم [ النساء : 102 ] . فكان الأمر بأخذه دالا على وجوبه ثم أعاد الأمر تأكيدا وحذر من العدو به فقال تعالى :
وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم [ النساء : 102 ] . ثم رفع الجناح عن تاركه فقال تعالى :
ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم [ النساء : 102 ] . فدل على أن الجناح لاحق بتاركه من غير عذر .
والقول الثاني : أن أخذه استحباب لأن الله تعالى أمر بأخذه لعذر فقدم حظره لأنه عمل في الصلاة
والأمر بعد الحظر يقتضي الإباحة كقوله تعالى :
وإذا حللتم فاصطادوا [ المائدة : 2 ] . ولأن الطائفة المصلية مع الإمام محروسة بغيرها والقتال غير متعين عليها وحمل السلاح يراد إما لحراسة أو قتال ، وإذا لم يجب ذلك عليهم لم يجب حمل السلاح عليهم ؛ ولأنه لو كان واجبا في الصلاة لوجب أن يكون تركه قادحا في الصلاة وفي إجماعهم على صحة الصلاة بتركه دليل على أنه غير واجب .
ومن أصحابنا من قال : ليست المسألة على قولين : وإنما هي على اختلاف حالين . والموضع الذي أوجبت فيه حمل السلاح هو ما يدفع به عن نفسه كالسكين والخنجر ، والموضع الذي استحب فيه حمل السلاح : هو الموضع الذي يدفع به عن غيره كالقوس والنشاب .