الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
[ عيادته المرضى وحضور الجنائز ومقدم الغائب ] .

مسألة : قال الشافعي - رضي الله عنه - : ويعود المرضى ويشهد الجنائز ويأتي مقدم الغائب .

قال الماوردي : وهذا صحيح . وهذه قرب يندب إليها جميع الناس فكان الولاة فيها كغيرهم . لأن المقصود بها طاعة الله عز وجل وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وطلب ثوابه ، وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " عائد المريض في مخرف من مخارف الجنة حتى يرجع "

[ ص: 45 ] وعاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سعدا وجابرا في مرضهما ، وعاد غلاما يهوديا في جواره وعرض عليه الإسلام فأجاب .

ويجوز للقاضي في العيادة وشهود الجنازة أن يعم ويخص بخلاف الولائم التي يعم بها ولا يخص .

والفرق بينهما من وجهين :

أحدهما : أن الولائم من حقوق الداعي فاستوى جميعهم في استحقاق الإجابة والعيادة وحضور الجنائز من حقوقه لأنه يقصد به الثواب فجاز أن يخص .

والثاني : أن في الولائم ظنة ليست في العيادة والجنائز فكان العموم فيها مزيلا للظنة .

وكذلك إتيانه مقدم الغائب يجوز أن يعم به ويخص إلا أن يكون للغائب خصم فلا يأتي مقدمه لئلا تضعف به نفس خصمه بظهور الممايلة والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية