فصل : النوع الثاني : الشرط ] .
وأما النوع الثاني وهو
الشرط :
والشرط في اللغة هو العلامة ومنه قول الله عز وجل :
فقد جاء أشراطها [ محمد : 18 ] . أي علاماتها ولذلك سمي صاحب الشرط لتميزه بعلامته .
والشرط في الشرع : هو الشيء الذي علق به الحكم لأنه علامة لوجوبه .
فإذا علق الحكم بشرط ثبت الحكم بوجوده وانتفى بعدمه كقوله تعالى :
فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي [ البقرة : 196 ] . فيتعلق به إثبات ونفي فيجري مجرى الاستثناء من وجه وإن خالفه من وجه .
فوجه اجتماعهما أنه قد يثبت حكما وينفي حكما .
ووجه افتراقهما : أن الشرط يثبت الحكم في حال وجوده وينفيه في حال عدمه ، والاستثناء يجمع بين النفي والإثبات في حال واحدة .
وربما قيد الحكم بشرط قام الدليل على ثبوت الحكم مع وجوده وعدمه ولا يتعلق بالشرط إثبات ولا نفي .
ويصرفه الدليل عما وضع له من الحقيقة إلى ما قصد به من المجاز كقوله تعالى :
واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر [ الطلاق : 4 ] . وحقها في العدة مع وجود الريبة وعدمها سواء .
فإن تجرد الشرط عن دليل حمل على موجبه في النفي الإثبات .
[ ص: 71 ] فإن علق الشرط بجمل مذكورة عاد إلى جميعها ما لم يخصه دليل كالاستثناء .
وجعله
أبو حنيفة عائدا إلى أقرب مذكور .
ودليلنا قوله تعالى :
فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام [ المائدة : 89 ] . يعود إلى جميع ما تقدم ولا يعود إلى أقرب مذكور من تحرير الرقبة .