مسألة : قال
الشافعي ، رضي الله عنه : " وإن كان خوفا أشد من ذلك وهو المسايفة
والتحام القتال ومطاردة العدو حتى يخافوا إن ولوا أن يركبوا أكتافهم فتكون هزيمتهم فيصلوا كيف أمكنهم مستقبلي القبلة وغير مستقبليها وقعودا على دوابهم وقياما في الأرض على أقدامهم يومئون برءوسهم واحتج بقول الله عز وجل
فإن خفتم فرجالا أو ركبانا [ البقرة : 239 ] . وقال
ابن عمر : مستقبلي القبلة وغير مستقبليها . قال
نافع : لا أرى
ابن عمر ذكر ذلك إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
قال
الماوردي : وهو كما قال : والخوف ضربان :
أحدهما : ما يمكن معه الصلاة جماعة على ما وصفنا .
والضرب الثاني : ما لا يمكن معه الصلاة جماعة لشدة الخوف ومطاردة العدو والتحام القتال والمسايفة والتقاء الصفين واختلاط العسكرين ، فلهم أن يصلوا كيف أمكنهم قياما وقعودا أو ركبانا ونزولا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها ، ولا إعادة عليهم وبه قال كافة الفقهاء .
وقال
أبو حنيفة : إن لم يقدروا على استقبال القبلة أخروا الصلاة إلى وقت قدرتهم على استقبالها : لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخر الصلاة يوم
الخندق حتى أمن ثم قضى .
ودليلنا قوله تعالى :
فإن خفتم فرجالا أو ركبانا [ البقرة : 239 ] . قال
ابن عمر معناه " مستقبلو القبلة وغير مستقبليها " . قال
نافع : لا أرى
ابن عمر قال ذلك إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد رواه
الشافعي ، عن
محمد بن إسماعيل ، عن
ابن أبي ذئب ، عن
الزهري ، عن
سالم عن أبيه
عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان ذلك قضاء مرويا ، ولأن شدة الخوف عذر يغير
[ ص: 471 ] صفة الأداء وذلك لا يوجب تأخير الصلاة كالمرض ، وأما تأخير الصلاة يوم
الخندق . فروى
أبو سعيد الخدري أنه منسوخ بآية الخوف فلو قدر على استقبالها راكبا وعلى استدبارها نازلا لاستقبلها راكبا لأن فرض الاستقبال أوكد من فرض القيام .