فصل :
هل تثبت الأسماء والحدود والمقادير بالقياس ؟ .
فإذا تقرر ما بيناه من أقسام القياس أنه أصل من أصول الشرع فالذي يثبت
[ ص: 152 ] بالقياس في الشرع هو الأحكام المستنبطة من النصوص .
فأما الأسماء والحدود والمقادير فقد اختلف أصحابنا في جواز استخراجها بالقياس على وجهين :
أحدهما : يجوز أن تثبت الأسماء بالقياس إذا تعلق بها أحكام كتسمية النبيذ خمرا لوجود معنى الخمر فيه ويجوز أن تثبت الحدود قياسا فيثبت حد الخمر ثمانين ، قياسا على القذف كما قال
علي بن أبي طالب لأنه إذا شرب سكر وإذا سكر هذي وإذا هذي افترى وحد المفتري ثمانون .
ويجوز أن تثبت المقادير قياسا : كما قدرنا أقل الحيض وأكثره وأقل الطهر وأكثره وأقل السفر وأكثره .
وقد أشار
ابن أبي هريرة إلى اختيار هذا الوجه لأن جميعها أحكام .
والوجه الثاني : يجوز إثبات الأسماء ولا إثبات الحدود ولا إثبات المقادير بالقياس .
أما الأسماء فلأنها مأخوذة من اللغة دون الشرع .
وأما الحدود فلأن معانيها غير معقولة .
وأما المقادير فلأنها مشروعة وإنما صير في هذه الأمور المقدرة إلى عرف أو وجود .
والله أعلم بصواب ما استأثر بعلمه فهذا شرح ما قدمناه من أصول الشرع الأربعة وبالله التوفيق .