فصل : والشرط الخامس
العدالة : فمعتبرة في القضاء وجميع الولايات .
والعدالة : أن يكون صادق اللهجة ظاهر الأمانة عفيفا عن المحارم متوقيا للمآثم بعيدا من الريب مأمونا في الرضا والغضب مستعملا لمروءة مثله في دينه وسنستوفي شروطها في كتاب الشهادات . فإذا تكاملت فيه فهي العدالة التي تصح بها ولايته وتقبل بها شهادته .
فأما الفسق فعلى ضربين :
أحدهما : ما تعلق بأفعال يتبع فيها الشهوة فلا يصح تقليده ولا ينفذ حكمه وإن وافق فيه الحق لفساد ولايته .
وحكي عن
الأصم صحة ولايته ، ونفوذ حكمه ، إذا وافق الحق لصحة إمامته في الصلاة ، وجواز اتباعه فيها .
وهذا خطأ لقول الله تعالى :
إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة [ الحجرات : 6 ] . فمنع من قبول قوله ، فكان أولى أن يمنع من نفوذ قوله .
ولأن الله تعالى لما جعل العدالة شرطا في الشهادة كان أولى أن تكون شرطا في القضاء ، وجازت إمامته لتعلقها بالاختيار وخروجها عن الإلزام .
والضرب الثاني : من الفسق ما اختص باعتقاد يتعلق فيه بشبهة يتأول بها خلاف الحق .
ففي جواز تقليده وجهان :
[ ص: 159 ] أحدهما : لا يجوز لأنه لما استوى حكم الكفر بتأويل وغير تأويل ، وجب أن يستوي حكم الفسق بتأويل وغير تأويل .
والوجه الثاني : يجوز تقليده لأنه لما كان تأوله الشبه في الفروع لا يمنع من التقليد كان كذلك في الأصول .
فإن
طرأ عليه الفسق بعد صحة تقليده بطلت ولايته بالضرب الأول .
وفي بطلانها بالضرب الثاني وجهان :
أصحهما هاهنا لا تبطل .
وأصحهما هناك لا تنعقد لأنه لا يقلد إلا بتعديل كامل ولا ينعزل إلا بجرح كامل .