فصل :
اعتراف المشهود عليه بعدالة الشهود .
فإذا ثبت أن الحكم بشهادتهم لا يصح إلا بعد ثبوت عدالتهم ، فاعترف المشهود عليه بعدالتهم ، فقد اختلف أصحابنا في وجوب الحكم عليه بشهادتهم ، على وجهين : أحدهما : أنه يحكم عليه ، لأن البحث عن عدالتهم معتبر في حقه فأسقط اعتباره فيهم باعترافه .
والوجه الثاني : أنه لا يحكم عليه بتزكيته لهم ، لأن في الحكم بشهادتهم حكما بعدالتهم ، فلم يجز أن يحكم بها بتزكية الخصم .
تدوين أسماء الشهود وحليتهم .
وإذا كان كذلك وجب على الحاكم أن يثبت أسماء الشهود ، وكناهم ، ويرفع في أنسابهم ، أو ولائهم ، ويذكر ما هم عليه من صنائع ومكاسب ، وبقاع مساكنهم ، ويثبت حلاهم وأوصافهم في ألوانهم وأبدانهم ، لئلا تشتبه الأسماء والأنساب . وقد حكي عن
ابن شبرمة أنه قال : شيئان ما عمل بهما قبلي أحد ، ولا يتركهما بعدي أحد . تحلية الشهود ، والسؤال عنهم سرا .
تزكية الشهود .
فإذا فرغ الحاكم من إثبات ما ذكرناه من أسماء الشهود وحلاهم ، أذن لهم في الانصراف ليبحث عن عدالتهم سرا ثم جهرا ، بأصحاب مسائله ، على ما سنصفه من بعد ليثبت عنده ما هم عليه من عدالة أو فسق .
ويكون الكشف عن عدالتهم واجبا على الحاكم ولا يجب على المشهود له إقامة البينة بعدالتهم .
وقال
المغربي وطائفة من أهل الظاهر : يجب ذلك على المشهود له دون الحاكم . إلا أن يتطوع به الحاكم : لأن إقامة البينة على المدعي دون الحاكم .
[ ص: 183 ] وهذا فاسد : لأن التعديل والجرح مستحق على الحاكم فوجب أن يكون الكشف عنهما مستحقا عليه .