الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
لا يقبل التعديل إلا من ذي المعرفة الباطنة .

مسألة : قال الشافعي : ثم لا يقبل حتى يسأله عن معرفته به فإن كانت باطنة متقادمة وإلا لم يقبل ذلك منه " .

[ ص: 196 ] قال الماوردي : اعلم أن الشهادة بالتعديل تخالف الشهادة بالجرح ، من وجهين متفق عليهما ، وثالث مختلف فيه .

فأما الفرق بينهما من الوجهين المتفق عليهما فأحدهما : أن الشهادة بالتعديل لا تقبل إلا ممن كان قديم المعرفة ، وتقبل في الجرح ممن كان حديث المعرفة ، لأنه قد يتصنع العدالة في قريب الزمان ، فلم تقبل إلا من قديم المعرفة ، ويحدث الجرح في قريب الزمان ، فقبل من حديث المعرفة .

والفرق الثاني : أنه لا يقبل التعديل إلا من أهل المعرفة الباطنة ، ولا يقبل من أهل المعرفة الظاهرة ، لأنه قد يكون عدلا في الظاهر ، مجروحا في الباطن ، والمعتبر عدالة الظاهر والباطن ، ويقبل الجرح من أهل المعرفة الظاهرة ، والباطنة ، لأنه قد يعلم به من عرف ظاهره ، كما يعلم به من عرف باطنه .

وأما الفرق الثالث المختلف فيه ، أنه لا يحكم بالجرح إلا بعد ذكر سببه ، فهل يكون ذكر السبب في التعديل شرطا في الشهادة به ؟ على ما ذكرنا من الوجهين .

فإن قيل : إنه شرط جاز أن يكون الشاهد بالتعديل من غير أهل الاجتهاد .

وإن قيل : ليس بشرط وجب أن يكون الشاهد بالتعديل من أهل الاجتهاد .

التالي السابق


الخدمات العلمية