فصل : صحة الكتب ولزوم الحكم بها .
فإذا ثبت أن
كتب القضاة إلى القضاة لا تقبل بالخطوط حتى يشهد بها عدول الشهود ، فالكلام في صحتها ولزوم الحكم بها يشتمل على أربعة فصول :
أحدها : فيما يكتب به القاضي من أحكامه .
والثاني : فيمن يكاتبه القاضي بحكمه .
والثالث : فيما يجب به قبول كتبه .
والرابع : فيما يمضيه القاضي المكتوب إليه من حكمه .
ما يكتب به القاضي من أحكامه .
فأما الفصل الأول : فيما يكتب به القاضي من أحكامه فأحكامه تنقسم أربعة أقسام :
أحدها : أن يحكم لحاضر على حاضر بحق حاضر .
والثاني : أن يحكم لحاضر على حاضر بحق غائب .
[ ص: 215 ] والثالث : أن يحكم لحاضر على غائب بحق غائب .
والرابع : أن يحكم لحاضر على غائب بحق حاضر .
فأما القسم الأول : وهو أن يحكم لحاضر على حاضر بحق حاضر ، فالحق على ثلاثة أضرب :
أحدها : أن يكون عينا حاضرة فيحكم القاضي بها لمن استحقها إما بإقرار ، أو ببينة ، وينتزعها من يد المحكوم عليه ويسلمها إلى المحكوم له ، ولا يجوز في مثل هذا أن يكتب به القاضي إلى غيره ، سواء أقام المحكوم عليه أو هرب .
والضرب الثاني : أن يكون الحق في بدن المحكوم عليه فإن كان مقيما بعد الحكم استوفاه منه ولم يكتب به القاضي إلى غيره .
فإن هرب بعد الحكم عليه وقبل استيفائه منه ؛ جاز للقاضي أن يكتب إلى قاضي البلد الذي فيه الهارب بما حكم عليه ، من قصاص أو حد ليستوفيه القاضي المكتوب إليه ، وهذا حكم على حاضر ، فيجوز أن يكتب به من لا يرى الحكم على غائب .
والضرب الثالث : أن يكون الحق في ذمة المحكوم عليه من الأموال الثابتة في الذمم .
فإن كان المحكوم عليه مقيما استوفاه القاضي منه لمستحقه ولم يكتب به إلى غيره .
وإن هرب قبل استيفاء الحق منه ، فإن كان له مال حاضر استوفاه من ماله ، ولم يكتب به إلى قاض غيره ، وإن لم يكن له مال حاضر ؛ جاز أن يكتب بما ثبت عنده من الحق إلى قاضي البلد الذي هرب إليه المحكوم عليه ، ليستوفيه وهو قضاء على حاضر وليس بقضاء على غائب .