فصل : وأما القسم الثاني في
مكاتبة القاضي للأمير : فهي مقصورة على مكاتبة أمير البلد الذي فيه الخصم المطلوب ، أو الملك المحكوم به ، دون غيره من الأمراء . ولا يكتب إليه إلا بما حكم به ، وأمضاه ، ليكون الأمير مستوفيا له ولا يكون حاكما به لأن الحماة والأمراء أعوان على استيفاء الحقوق ، وليسوا بحكام فيها ، بخلاف القضاة المندوبين للاستيفاء والأحكام .
وإذا كان كذلك ، فمكاتبة القاضي للأمير مقصورة على أحد ثلاثة أمور :
أحدها : أن يكتب إليه بما حكم به من ملك الطالب في بلده ، ليمكنه من التصرف فيه ، فيرفع عنه يد من سواه ، فهذا يجوز إذا أمن عدوان الأمير .
فلو كان لبلد الملك أمير وقاض ، كانت مكاتبة الأمير بذلك أولى من مكاتبة القاضي : لأنه باليد أخص ، ما لم يعارضه القاضي فيه .
والثاني : أن يكتب إليه بما حكم به على الخصم المطلوب ، ليستوفيه للطالب ، فهذا يجوز أن يكاتب به الأمير .
[ ص: 225 ] فلو كان لبلد هذا المطلوب أمير وقاض ، كانت مكاتبة القاضي بذلك أولى : لأن القاضي بإلزام الحقوق أخص .
والثالث : أن يكتب إليه بإحضار المطلوب إليه فهذا معتبر بولاية القاضي .
فإن كان بلد الأمير داخلا في ولايته ، جاز أن يكتب إليه بإحضار المطلوب .
ولزم الأمير إنفاذه إليه .
وإن كان خارجا من ولايته ، لم يجز للقاضي أن يكتب إلى الأمير بإحضاره ولم يجز للأمير أن ينفذه إليه .