فصل : [ امتناع بعض الشركاء من القسمة في ما تدخله قسمة الإجبار ] .
فأما
ما تدخله قسمة الإجبار في الدور والأرضين إذا دعا بعض الشركاء إلى القسمة وامتنع بعضهم منها فهو على ثلاثة أقسام :
أحدها : أن لا يستضر بالقسمة واحد منهم ، وينتفع بما حازه مقسوما ، كانتفاعه به
[ ص: 251 ] مشتركا ، فيجاب طالب القسمة إليها ،
ويجبر الممتنع عليها لأمرين :
أحدهما : ليتصرف على اختباره .
والثاني : ليأمن اختلاط الأيدي وسواء المشاركة .
والقسم الثاني : أن يستضر كل واحد منهم بالقسمة ، وكثرة السهام ، وذهاب منافعها بافتراق الجزاء وحصول منافعها باجتماعها ، فتصير كقسمة ما لا يدخله الإجبار من البئر والحمام والرحى والسيف ، فلا تقسم بينهما جبرا لدخول الضرر على جميعهم .
ويكون
القول في القسمة قول الممتنع منها وهو مذهب جمهور الفقهاء .
وقال
مالك : القول فيها قول طالب القسمة ، ويجبر الممتنع عليها مع دخول الضرار على الطالب والمطلوب ؛ لينفرد بملكه ويده
ودليلنا : ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=923299لا ضرر ولا ضرار ومن ضار أضر الله ومن شاق شق الله عليه "
وروي عنه عليه السلام أنه "
nindex.php?page=hadith&LINKID=925580نهى عن قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال "
ولأن
ما عم الضرر بقسمه سقط عنه الإجبار على القسمة كالجوهرة .
والقسم الثالث :
أن يستضر بالقسمة بعض الشركاء دون بعض . فقد اختلف الفقهاء في حكم الإجبار عليها على مذاهب .
فقال
مالك : يجبر عليها من امتنع منها .
وقال
أبو ثور : لا يجبر .
وقال
ابن أبي ليلى : يباع ويقسم الثمن بينهما .
وعلى مذهب
الشافعي وأبي حنيفة إن كان طالب القسمة منتفعا أجبر عليها الممتنع وإن استضر ؛ لما قدمناه من العلتين :
إحداها : كمال تصرفه على اختياره
والثاني : انفراد يده من سوء المشاركة .
فأما إن كان طالب القسمة هو المستضر بها ، والمطلوب هو المنتفع بها فقد اختلف أصحابنا في إجابة الطالب إليها ،
وإجبار المطلوب عليها ، على وجهين :
أحدهما : يجبر على القسمة لانتفاء الضرر عن المطلوب .
والوجه الثاني : لا يجبر عليها لدخول الضرر على طالبها .
واختلف أصحابنا
فيما يعتبر به دخول على وجهين :
[ ص: 252 ] أحدهما : وهو قول
أبي حنيفة والظاهر من مذهب
الشافعي : أنه نقصان المنفعة ولا اعتبار بنقصان القيمة .
والوجه الثاني : أنه يعتبر بكل واحد من نقصان المنفعة ، أو نقصان القيمة .
وهو أشبه ؛ لأن في كل واحد منهما ضررا .