الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : [ صفة القرعة ] .

فصل : وأما صفة القرعة : فهو أن تؤخذ رقاع متساوية الأجزاء ، ويكتب فيها ما قدمناه من الأسماء ، إن أراد أن يخرج على السهام أو من السهام إن أراد أن يخرج على الأسماء ، ثم يجعلها في بنادق من طين متساوية الوزن وليس على مثال واحد ، حتى لا تتميز واحدة منها على غيرها بأثر وتجفف ويستدعى لها من لم يحضر عملها ، ولم يعلم بحالها ، ولو كان صغيرا أو عبدا لا يفطن لحيلة كان أولى ، وتوضع في حجره ، وتغطى ثم يؤمر بإخراج ما أمر بإخراجه من اسم أو سهم .

فهذا أحوط ما يكون من القرعة ، وأبعدها عن التهمة .

والأصل في القرعة : قوله تعالى : وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون [ آل عمران : 44 ] .

وقوله تعالى في يونس إذ أبق إلى الفلك المشحون فساهم فكان من المدحضين [ الصافات : 140 ] :

فإن لم يحتط في القرعة بما وصفناه ، واقتصر على أن أقرع بينهم بحصى أو أقلام جاز .

قد حكى الواقدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم " قسم غنائم بني قريظة على خمسة أجزاء وكتب على إحداها " الله " وكانت السهمان يومئذ نوى " .

ولما صالح بني ابن أبي الحقيق بخيبر على الكتيبة والنطاة جزأهما خمسة أجزاء ، فكانت الكتيبة جزءا فجعل خمس بعرات للسهام الخمسة وأعلم أحدها بما جعله لله وقال اللهم اجعل سهمك في الكتيبة فخرج سهم الله على الكتيبة .

لكن ما حضره رسول الله صلى الله عليه وسلم من القرعة يكون أخف حالا : لأنه من الحيف أبعد وللتهمة أنفى .

وإنما يلزم الاحتياط فيما تتوجه إليه التهمة ، كذلك حكمها بعده إن كانت عند حاكم تنتفي عنه التهمة كان حكمها أخف .

وإن كانت بحيث تتوجه إليه التهمة كان حكمها أغلظ .

التالي السابق


الخدمات العلمية