الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وإذا كانت الأرض مما تصح فيها قسمة التعديل وقسمة الرد ، فدعا أحد الشريكين إلى قسمة التعديل ودعا الآخر إلى قسمة الرد ، فإن قلنا إن قسمة التعديل يدخلها الإجبار كان القول قول من دعا إليها ، وإن قلنا : إنه لا يدخلها الإجبار لم يترجح قول واحد منهما ووقفت على مراضاتهما بإحداهما من قسمة التعديل أو قسمة الرد . وهكذا قسمة الدار المشتركة تكون على ما ذكرناه من الضروب الأربعة .

فإذا قسمت على إجبار أو تراض وكان لكل واحد من السهمين طريق مفرد يختص به انقسمت القيمة عليه .

وإن لم يكن لواحد منهما طريق إلا أن يحاز من الملك ما يكون طريقا لهما وجب أن يخرج من الملك قبل القسمة ما يكون طريقا لهما مشتركا بينهما ثم يقسم بعده ما عداه .

وقد روى قتادة ، عن بشير بن كعب ، عن أبي هريرة ، قال : " قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تنازع الناس في طرقهم جعلت سبعة أذرع " .

وهذا يجوز أن يكون محمولا على عرف المدينة فإن البلاد تختلف طرقها بحسب اختلافها فيما يدخل إليها ويخرج منها فقد يكفي في بعض البلاد ما هو أقل من هذا ، وقد لا يكفي في بعضها إلا ما هو أكثر من هذا .

وهذا في الطرق العامة .

فأما في هذا الاستطراق الخاص بين هذين الشريكين فقد اختلف الفقهاء فيه إذا تنازعا في قدره .

فقال أبو حنيفة : تكون سعته بقدر ما تدخله الحمولة ، ولا يضيق بها .

وعند الشافعي يكون معتبرا بما تدعو الحاجة إليه في الدخول والخروج ، وما جرت العادة بحمل مثله إليها ، ولا يعتبر بسعة الباب .

لأنهما قد يختلفان في سعة الباب ، كما اختلفا في سعة الطريق .

ولأن طريق الباب في العرف أوسع من الباب .

التالي السابق


الخدمات العلمية