الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
قسم الحيوان .

فصل : وأما قسم الحيوان كالعبيد ، والمواشي ، فإن كان رأسا واحدا ، لم تدخله القسمة إجبارا ولا اختيارا .

وإن كان عددا ، فإن تفاضلوا لم يقسموا إجبارا ، وقسموا اختيارا .

وإن تماثلوا ففي قسمها إجبارا وجهان :

أحدهما : وهو الظاهر من مذهب الشافعي ، وبه قال أبو العباس بن سريج وأبو إسحاق المروزي ، يقسم إجبارا لتماثلها .

[ ص: 267 ] والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن خيران أنها لا تقسم إجبارا وتقسم اختيارا لأنها مضمونة بالقيمة دون المثل .

وأصل ذلك ، حديث عمران بن الحصين : أن رجلا أعتق ستة مملوكين ، لا مال له غيرهم ، فجزأهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أجزاء فأعتق اثنين وأرق أربعة ، فجعله أبو العباس بن سريج دليلا على قسمة الإجبار ، وحمله ابن خيران على جوازه في العتق لاختصاصه بالحرية .

وقد أجاز الشافعي قسمة الكلاب مع الغنم كما أجاز الوصية بها .

فمن أصحابنا من أجاز قسمها إجبارا وجها واحدا للنص عليه وأنها لخروجها عن القيمة تجري مجرى ذوات الأمثال .

ومنهم من خرج إجازة قسمها على الوجهين وجعل هذا النص دليلا على أنه أصحهما .

وعلى قياس الحيوان يكون قسم الآلات من الخشب ، كالأواني ، والأبواب ، والأساطين ، وإن اختلفت وتفاضلت قسمت اختيارا ولم تقسم إجبارا ، وإن تماثلت ففي قسمها إجبارا وجهان كما ذكرنا في الحيوان .

وعلى هذا يكون قسم الثياب إن اختلفت وتفاضلت قسمت اختيارا ولم تقسم إجبارا ، وإن تماثلت ففي قسمها إجبارا وجهان .

فأما قسم الثوب الواحد فإن اختلف لاختلاف نقوشه وألوانه قسم اختيارا ولم يقسم إجبارا .

وإن تماثل ولم يختلف ، نظر ، فإن نقصت قيمته بقسمه لم يقسم إجبارا ، وقسم اختيارا وإن لم تنقص قيمته ، ففي قسمه إجبارا وجهان .

فإن قيل : فهل تكون قسمة الإجبار في الحمامين المتماثلين بين الشريكين على قياس ما ذكرتموه في قسمة الحيوان والثياب ؟

قيل : قد كان بعض أصحابنا يخرج إجبار قسمها بين الشريكين على وجهين ، كالحيوان ، والثياب ، ويفرق بين قسم الدارين ، حيث لم يقع في إفرادها إجبار ، ووقع في قسم الحمامين إجبار ، إن كل واحدة من الدارين يمكن أن تقسم إجبارا ، فلم يقع في إفرادهما إجبار ، والحمام الواحد لا يقع في قسمه إجبار ، فجاز أن يقع في إفرادهما بالقسمة إذا اجتمعا إجبار .

وقال أبو العباس بن سريج : لا يقع في قسم الحمامين إجبار ، كما لم يقع في [ ص: 268 ] قسم الواحد إجبار وفرق بين الحمامين والحيوان ، إن بناء الحمام منع من قسم أرضه ، والحيوان أهل في نفسه .

التالي السابق


الخدمات العلمية