القضاء على الغائب
مسألة : قال
الشافعي : " فإن قبل الشهادة من غير محضر خصم فلا بأس " .
قال
الماوردي : وأما
سماع الدعوى على الغائب فإن لم تقترن بها بينة لم تسمع ؛ لأن سماعها غير مفيد وإن اقترن بها بينة سمعت وسمعت البينة عليها ، وهذا متفق عليه في جواز الدعوى والبينة على الغائب .
واختلف في معنى سماع البينة على الغائب .
فهو عند
الشافعي ومن يرى القضاء على الغالب سماع حكم .
وعند
أبي حنيفة ومن لا يرى القضاء على الغائب سماع تحمل كالشهادة على الشهادة .
فأما
القضاء على الغائب بعد سماع البينة عليه فلا تخلو غيبته من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يكون غائبا عن الحكم حاضرا في مجلسه فلا يجوز الحكم عليه إلا بعد حضوره وإمضاء الحكم عليه بعد إعلامه ، وهذا متفق عليه وإن اختلف في معناه . فهو عند
الشافعي ومن يرى القضاء على الغائب ارتفاع الضرورة .
وعند
أبي حنيفة ومن لا يرى القضاء على الغائب ما عساه يدفع به الحجة .
والحال الثانية : أن يكون غائبا عن بلد الحكم فقد اختلف الفقهاء في جواز القضاء عليه مع غيبته على ثلاثة مذاهب :
أحدها : وهو مذهب
الشافعي يجوز القضاء عليه مع غيبته في عموم الأحكام ، فيما ينقل ولا ينقل ، سواء تعلقت بحاضر أو لم تتعلق بحاضر كما يجوز أن يحكم على
[ ص: 297 ] الميت وعلى من لا يجيب عن نفسه من الصبي والمجنون ، ومن شرط التنفيذ عليه بعد الحكم أن يستحلف المحكوم له على بقاء حقه بعد ثبوته .
والثاني : وهو مذهب
أبي حنيفة أن القضاء على الغائب لا يجوز فيما ينقل وما لا ينقل ، إلا أن يتعلق بحاضر فيجوز أن يحكم عليه تبعا للحاضر لقوله : غصبني هذا وفلان الغائب عبدا أو ابتاعا مني دارا .
والثالث : وهو مذهب
مالك : يجوز القضاء على الغائب فيما ينقل ، ولا يجوز القضاء عليه فيما لا ينقل من العقار ، فهذه مذاهب الفقهاء في القضاء على الغائب عن البلد .
والحال الثالثة :
أن يكون غائبا عن مجلس الحكم وحاضرا في بلده ، فقد اختلف أصحابنا هل يجري مجرى الغائب عن البلد في جواز القضاء عليه .
أو يكون كالحاضر في مجلس الحكم في المنع من القضاء عليه .
على وجهين :
أحدهما : وهو الظاهر من مذهب
الشافعي لا يجوز القضاء عليه إلا بعد حضوره للقدرة عليه في الحال كالحاضر في المجلس .
والوجه الثاني : وهو مذهب
ابن شبرمة وأحمد وإسحاق يجوز القضاء عليه كالغائب عن البلد ، قال
ابن شبرمة : أحكم عليه ولو كان وراء جدار ، فهذه أحوال الغائب واختلاف الفقهاء في القضاء عليه .