فصل : والفصل السادس في حكم
النكول .
وهو أن تجب على المنكر اليمين فيمتنع منها ، أو يقول : قد نكلت عنها أو يقول : لست أحلف ، فيصير بجميع ذلك ناكلا فلم يحكم عليه بالنكول وإن خالفنا فيه
أبو حنيفة على ما سنذكره من بعد ، وإنما يوجب نكوله رد اليمين على المدعي ليحكم بيمينه ولا يحكم له بنكول خصمه .
وإذا صار المنكر ناكلا ، فإن لم يعرف
حكم النكول وجب على القاضي أن يعلمه حكمه ، وأنه يوجب رد اليمين على المدعي ، ليحكم له بيمينه ، وإن عرف حكم النكول استغنى القاضي بمعرفته عن إعلامه ، ولكن يقول له : إن أقمت على امتناعك جعلتك ناكلا .
واختلف أصحابنا
بماذا يستقر نكوله ؟ على وجهين :
أحدهما : قول
أبي العباس بن سريج : يستقر نكوله بإعلامه ولو كان بدفعة واحدة .
[ ص: 317 ] والوجه الثاني : وهو قول أهل
العراق : لا يستقر النكول إلا بأن يعرضه عليه ثلاثا هي حد الاستظهار .
واختلف أصحابنا
بعد استقرار النكول هل يفتقر إلى حكم القاضي به قبل رد اليمين أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : أنه لا يرد اليمين على المدعي إلا بعد أن يقول للمنكر قد حكمت عليك بالنكول لما فيه من الاجتهاد ، فإن ردها عليه قبل حكمه به لم يصح .
والوجه الثاني : يجوز أن يردها على المدعي وإن لم يقل قد حكمت عليك بالنكول ، لأن ردها عليه حكم بالنكول .
فلو
بذل المنكر اليمين بعد الحكم بنكوله ، لم يجز إحلافه لانتقال اليمين إلى المدعي .
فإن حلف المدعي حكم له ، وإن استمهل للنظر في حسابه أمهل .
وإن توقف عن اليمين لغير استمهال ، فقد اختلف أصحابنا في الحكم عليه بالنكول .
في يمين النكول على وجهين :
أحدهما : وهو قول
أبي سعيد الإصطخري : يحكم عليه بالنكول كما حكم على المنكر بالنكول ، فإن رام أن يحلف بعد الحكم بنكوله لم يجز ، كما لو رامه المنكر .
والوجه الثاني : وهو أظهر أنه لا يحكم عليه بالنكول ، وإن حكم على المنكر بالنكول .
والفرق بينهما أن نكول المنكر يتعلق به حق لغيره ، ولا يتعلق بنكول المدعي حق لغيره ، ويكون له أن يحلف متى شاء ويستحق .