فصل : والحكم الثاني :
تأديب شاهد الزور .
وتأديبه التعزير ، لأنه مما لم يرد فيه حد .
[ ص: 320 ] ولا يبلغ بتعزيره أربعين وغايته تسعة وثلاثون سوطا ؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال صلى الله عليه وسلم : "
لا يبلغ بالحد في غير حد " وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : "
من بلغ ما ليس بحد حدا فهو من المعتدين " .
ولا وجه لما قال
مالك ، من أنه يجوز أن يزيد في التعزير على أكثر الحدود .
ولا وجه لما قاله
ابن أبي ليلى أنه لا يبلغ به المائة ، ويجوز بما دونها .
وقال أبو يوسف : لا يبلغ به ثمانين ، ويجوز فيما دونها .
والصحيح ما ذكرناه من أنه لا يبلغ به الأربعين ويجوز بما دونها ؛ لأن الأربعين حد الخمر في الحر ، فكان غاية تعزير الحر تسعة وثلاثين .
ثم هذه الغاية لا يجب استعمالها في كل معزر ؛ لأن
التعزير يختلف باختلاف حال المعزر ويكون موقوفا على الاجتهاد ، فمن أدى الاجتهاد إلى تعزيره بالضرب اجتهد في عدده ، فإن أدى الاجتهاد إلى تعزيره بعشرة أسواط لم يزده عليها ، وإن أدى الاجتهاد إلى تعزيره بالحبس لم يعدل به إلى الضرب ، وإن أدى الاجتهاد إلى تعزيره بالقول والزجر ، لم يعدل به إلى ضرب ولا حبس ، وقد استوفينا حكم التعزير في بابه .