مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : "
ولا يمسح بحجر قد مسح به مرة إلا أن يكون قد طهره بالماء " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال لأنه إذا استعمله فقد صار نجسا والاستنجاء بالشيء النجس لا يجوز لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن
الاستنجاء بالروث لنجاسته ولأن النجاسة لا تزيل النجاسة عن محل طاهر كما لا تزول نجاسة الثوب والبدن بالماء النجس فإن قيل : قد جوزتم الدباغة بالشيء النجس فلم منعتم من الاستنجاء بالشيء النجس ؟ قيل : إنما جوزنا الدباغة بالشيء النجس في أحد الوجهين ، لأنها تخلف الزكاة والزكاة يجوز بالسكين النجس ، فكذلك الدباغة ، والاستنجاء بالأحجار يخلف الماء ولا يجوز استعمال الماء النجس فكذلك الأحجار ، فإذا ثبت أنه لا يجوز استعماله بعد نجاسته فإن غسله بالماء حتى طهر جاز استعماله ثانية ، وإن غسله بعد استعماله ثانية جاز استعماله ثالثة لأنه بالغسل قد صار طاهرا ، فإن قيل : فقد منعتم من استعمال الماء المستعمل ثانية فلم جوزتم استعمال الحجر المستعمل ثانية ؟ قلنا هما سواء وإنما جوزنا إعادة الحجر المستعمل ثانية لأن الغسل قد عاد إلى أصله قبل الاستعمال وهو الطهارة ، وكذلك الماء المستعمل لو عاد إلى أصله قبل الاستعمال في مخالطة الماء الكثير الطاهر جوزنا استعماله ثانية .
فصل : فإن ثبت جواز استعماله بعد الغسل فله ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يكون بعد الغسل يابسا فاستعماله جائز .
والثاني : أن يكون رطبا والماء عليه قائما فاستعماله لا يجوز حتى يزول الماء عنه لأنه مع بقاء الماء عليه يزيد المحل تنجيسا ولا يزيل شيئا .
[ ص: 163 ] والثالث : أن يكون نديا قد زالت رطوبة الماء عنه ، ولم يجف بعد ففي جواز استعماله وجهان :
أحدهما . لا يجوز كالرطب لبقاء النداوة فيه .
والثاني : يجوز استعماله كالجاف لذهاب الرطوبة عنه .
فأما ورق الشجر فإن جف ظاهره وباطنه أو جف ظاهره دون باطنه جاز الاستنجاء به إذا كان مزيلا ، وإن كان ندي الظاهر ففي جواز الاستعمال وجهان كالحجر الندي .