[ ص: 484 ] باب القول في
تكبير العيدين وإظهاره .
مسألة : قال
الشافعي ، رضي الله عنه : " وأحب إظهار التكبير جماعة وفرادى في ليلة الفطر وليلة النحر مقيمين وسفرا في منازلهم ومساجدهم وأسواقهم ويغدون إذا صلوا الصبح ليأخذوا مجالسهم وينتظرون الصلاة ويكبرون بعد الغدو حتى يخرج الإمام إلى الصلاة ، وقال في غير هذا الكتاب حتى يفتتح الإمام الصلاة . ( قال
المزني ) : هذا أقيس ؛ لأن من لم يكن في صلاة ولم يحرم إمامه ولم يخطب فجائز أن يتكلم واحتج بقول الله تعالى في شهر رمضان
ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم وعن
ابن المسيب ،
وعروة ،
وأبي سلمة ،
وأبي بكر يكبرون ليلة الفطر في المسجد يجهرون بالتكبير ، وشبه ليلة النحر بها إلا من كان حاجا فذكره التلبية " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال أما
التكبير في ليلة النحر فسنة إجماعا ، فأما في
ليلة الفطر ، ويوم الفطر ، فمذهبنا أنه سنة أيضا ، وحكي عن
أبي أنه سئل عن رجل كبر يوم الفطر ، فقال : كبر إمامه ؟ قيل : لا ، قال : ذاك رجل أحمق . وحكي عن
إبراهيم النخعي أنه قال : التكبير يوم العيد من عمل الحركة .
والدلالة على ذلك رواية
علي ،
وابن عمر ، رضي الله عنهما ،
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الفطر والأضحى دافعا صوته بالتكبير ، فإذا صح أن التكبير يوم الفطر سنة فابتداؤه من غروب الشمس من ليلة شوال .
وقال
مالك ،
والأوزاعي ،
وأحمد ،
وإسحاق : يبتدي بالتكبير يوم العيد .
والدلالة على صحة ما ذكرناه ، قوله تعالى :
ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم [ البقرة : 185 ] . فأمر بالتكبير بعد إكمال الصوم ، وذلك لغروب الشمس من ليلة شوال ، فاقتضى أن يكون ذلك أولى زمان التكبير ، فإذا ثبت أنه سنة في العيدين من غروب
[ ص: 485 ] الشمس من ليلتهما فقد اختلف قول
الشافعي أي العيدين أوكد في التكبير ، فقال في القديم : ليلة النحر أوكد ، لإجماع السلف عليها ، وقال في الجديد : ليلة الفطر أوكد لورود النص فيها ، قال الله تعالى :
ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم [ البقرة : 185 ] .