[ ص: 35 ] فصل : فإذا تقرر هذا ، فقد قال
الشافعي : " فالعلم من ثلاثة أوجه : منها ما عاينه ، فيشهد به ، ومنها ما تظاهرت به الأخبار وثبتت معرفته في القلوب ، فيشهد عليه ، ومنها ما أثبته سمعا مع إثبات بصر من المشهود عليه ، فتنقسم الشهادات ثلاثة أقسام :
أحدها : ما لا يصح أن يشهد به إلا أن يشاهده معاينة ببصره .
والثاني : ما يصح أن يشهد به إذا سمعه بالخبر الشائع .
والثالث : ما لا يصح أن يشهد به إلا بالمعاينة والسماع .
فأما القسم الأول : وهو
ما لا يصح أن يشهد به إلا بالمشاهدة ويبصره ، فالأفعال كالقتل ، والسرقة ، والغصب ، والزنى ، والرضاع ، والولادة ، وشرب الخمر ، وما كان في معناه من الأفعال المشاهدة ، فلا يصح أن يشهد فيها إلا إذا شاهدها ببصره ، لأنه قد يصل إلى العلم بها من أقصى جهاتها ، وهي المشاهدة ، فلا يصح أن يشهد فيها بالسماع والخبر وإن كان شائعا مستفيضا ، لأن ما أمكن الوصول إلى علمه بالأقوى لم يجز أن يشهد به إذا علمه بما هو أضعف ، بحمله على العلم به من أقصى جهاته المتمكنة .
وأما القسم الثاني : هو
ما يجوز أن يشهد به إذا علمه بالسمع والخبر الشائع ، فضربان : متفق عليه ومختلف فيه .
فأما المتفق عليه فثلاثة : النسب ، والملك ، والموت .
وأما المختلف فيه فثلاثة : الوقف ، والولاء ، والزوجية .