فصل : فإذا تقرر ما ذكرنا من الخلاف في
شهادة الأعمى ، فسنذكر شرح مذهبنا في شهادتهم ، فإذا تحمل الشهادة ، وهو بصير ثم أداها وهو أعمى لم يخل المشهود عليه أن يكون معينا بالإشارة أو يكون معينا بالنسب المعزى إليه ، فإن كان معينا بالإشارة إلى جسمه دون اسمه ، ونسبه لم يصح منه أداء الشهادة عليه ، وإن صح التحمل عنه لأنه يعد العمى لا يثبت الشخص المشار إليه كما لا تصح الشهادة عليه إذا كان غائبا للجهالة بعينه ، وإن تعين باسمه ونسبه صح من الأعمى أداء الشهادة عليه كما تصح الشهادة عليه مع غيبته بعد موته ، لأنه يتعين بالاسم والنسب ، كما يتعين بالإشارة ، وهكذا لو تحمل الشهادة عنه وهو بصير ، ويده في يده ثم عمي ، فشهد عليه قبل تخليته من يده صحت شهادته عليه ، وإن كان معينا بالإشارة لمعرفته قبل مفارقته ، فصح منه التحمل والأداء مع وجود العمى في الحالين ، وهكذا شهادته على المضبوط ، وهو أن يدني رجل فمه من أذنه ويقر عنده فيضبطه ، ويشهد عليه بإقراره صحت شهادته ، وإن وجد العمى في حالتي التحمل والأداء لقطعه بالشهادة عليه .
وتصح شهادة الأعمى بالترجمة عند الحكام لأنه يشهد بتفسير الكلام المسموع .
ويقبل شهادة الأعمى بالنسب إذا تظاهرت به الأخبار المدركة بالسمع الذي يشترك فيه الأعمى والبصير ، وكذلك تقبل شهادته بالموت إذا تظاهرت به الأخبار .
فأما شهادته بالملك بالخبر المتظاهر ، فإن لم يعتبر مشاهدة التصرف في صحة الشهادة قبلت فيه شهادة الأعمى ، لاعتبار السمع وحده فيه ، وإن اعتبر مع استفاضة الخبر مشاهدة التصرف لم تقبل شهادة الأعمى فيه ، لفقد البصر المعتبر في وجود التصرف ، وهكذا إذا قبلت الشهادة بالزوجية بتظاهر الأخبار ، قبلت شهادة الأعمى بها ، إذا لم تجعل مشاهدة الدخول والخروج شرطا فيها وردت إن جعل شرطا .
فهذا ما يقبل فيه شهادة الأعمى ، ولا يقبل فيما عداه من الأفعال والعقود .