الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وإذا جاز له النظر إلى وجهها ، ليعرفها في الشهادة لها وعليها ، فقد اختلف الناس فيما يجوز أن ينظر من وجهها ، فالذي عليه جمهور الفقهاء أنه يجوز أن ينظر إلى جميع وجهها : لأن جميعه ليس بعورة ، واختلف القائلون بهذا في جواز النظر إلى كفيها ، فجوزه بعضهم تعليلا بأنه ليس بعورة ، ومنع منه أكثرهم لاختصاص المعرفة بالوجه دون الكفين ، وقال آخرون : لا يجوز أن ينظر إلى جميع وجهها ، وينظر منه إلى ما يعرفها به .

وقال آخرون : إن كانت شابة نظر إلى بعض وجهها ، وإن كانت عجوزا نظر إلى جميعه .

وقال آخرون : إن كانت ذات جمال نظر إلى بعضه ، وإن كانت غير ذات جمال نظر إلى جميعه تحرزا من الافتتان بذات الجمال .

والصحيح من اختلاف هذه الأقاويل أن له أن ينظر إلى ما يعرفها به ، فإن كان لا يعرفها إلا بالنظر إلى جميع وجهها جاز له النظر إلى جميعه ، وإن كان يعرفها بالنظر إلى بعض وجهها لم يكن له أن يتجاوزه إلى غيره ، ولا يزيد على النظرة الواحدة إلا أن لا يتحقق إثباتها إلا بنظرة ثانية ، فيجوز له النظرة الثانية ، ومتى خاف إثارة الشهوة بالنظر كف ، ولم يشهد إلا في متعين عليه بعد ضبط نفسه ، وإن كانت في نقاب عرفها فيه لم تكشفه ، وإن لم يعرفها فيه كشفت منه ما يعرفها به ، ولا يعول على معرفة الكلام لأنه قد يشتبه .

التالي السابق


الخدمات العلمية