مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " وكذلك يحلف الرجل على ما يعلم بأحد هذه الوجوه فيما أخذ به مع شاهده وفي رد يمين وغيره " .
قال
الماوردي : وصورتها في
وارث أراد أن يطالب بحق لميته من ملك أو غير ملك ، فلعلمه به حالتان :
إحداهما : أن يعلم به من وجه يصح أن يشهد به لغيره على ما فصلنا من علم الشاهد بما تصح به شهادته فتصح له المطالبة به ، ويجوز أن يدعيه عند الحاكم ، ويجوز أن يحلف عليه إن ردت عليه ، أو مع شاهد إن شهد له ليستحقه بشاهده مع يمينه ، لأنه قد علمه من أقصى جهات العلم به ، ولأن ما جاز أن يشهد به لغيره ، فأولى أن يدعيه لنفسه .
والحال الثانية : أن يعرفه من وجه لا تصح له الشهادة بمثله بأن أخبره به واحد أو وجده مكتوبا في حساب أو كتاب ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يتشكك فيه ولا يثق بصدقه ، وصحته فتجوز له المطالبة لجواز أن يعترف به المطلوب فيعلم صحته ، ولا يجوز له أن يدعيه عند الحكام إن أنكره ، ولا أن يحلف عليه إن ردت عليه ، لأنه على غير ثقة بصحة الدعوى ، وجواز الحلف ، ولا تكون الدعوى واليمين إلا بما عرف .
والضرب الثاني : أن يقع في نفسه صدق المخبر : وصحة الحساب والكتاب ، فيجوز له أن يطالب به ويجوز له أن يدعيه عند الحكام لمعرفته بصحته ، واختلف أصحابنا في جواز يمينه عليه إن ردت عليه أو يحلف مع شاهده إن شهد له على وجهين :
أحدهما : لا يجوز أن يحلف عليه لأنه عرفه بغالب ظن ، يجوز أن يكون في الباطن بخلافه ، وجعله قائل هذا الوجه كأنه الظاهر من كلام
الشافعي .
والوجه الثاني : وهو أصح يجوز أن يحلف عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأنصار حين
[ ص: 47 ] ادعوا قتل صاحبهم على يهود خيبر وقد غابوا عن قتله "
nindex.php?page=hadith&LINKID=925635تحلفون وتستحقون دم صاحبكم " .
ولأنه لما جاز أن يروي خبر الواحد ، وثبت به شرعا جاز أن يحلف عليه ليثبت به حقا .
ولأنه قد يجوز أن يستعمل في حق نفسه ما لا يجوز أن يشهد بمثله كالاستمتاع بزوجته في الظلام ومعرفتها باللمس والكلام .