فصل : فأما
الشهادة على من لا يعرفه الشاهد ولمن لا يعرفه الشاهد فإن كان ذلك في أدائها وإقامتها عند الحاكم ، لم يجز أن يشهد بها على من لا يعرفه ولمن لا يعرفه لأن الجهل بمعرفة كل واحد منهما مانع من صحة الشهادة ، كالجهل بمعرفة المشهود فيه ، وكمال المعرفة أن يعرفه بعينه واسمه ونسبه ، فإن عرفه بعينه دون اسمه ونسبه جاز في الحاضر ، ولم يجز في الغائب ، وإن عرفه باسمه ونسبه ، ولم يعرفه بعينه جاز في المشهود له ، ولم يجز في المشهود عليه ، لأنه قد يجوز أن يتحملها لغائب ، ولا يجوز أن يتحملها عن غائب .
فأما إذا أراد أن يتحمل الشهادة عمن لا يعرفه ، ولمن لا يعرفه ، فقد اختلف الناس في جوازه ، فمنع منه قوم ، لأن المقصود بالشهادة أداؤها ، ومع الجهالة لا تصح ، فصار الشاهد غارا .
وقال قوم : يكلف المقر أن يأتيه بمن يعرفه ثم يشهد عليه بعد التعريف ، ولا يشهد عليه قبله ، والذي عليه الجمهور أنه يجوز أن يشهد على من لا يعرفه ، ولمن لا يعرفه إذا أثبت صورتهما ، وتحقق أشخاصهما وإن لم يرهما قبل الشهادة ، فإن أراد الشاهد إقامتها وعرف عند أدائها شخص المشهود عليه ، والمشهود له بأعيانها صح منه إقامتها مع الجهالة باسمها ونسبها ، وإن خفي عليه أشخاصهما ، واشتبهت عليه أعيانهما لم يجز له إقامتها .