فصل : فإذا تقرر ما وصفنا لم يخل حال
التحمل والأداء من ثلاثة أحوال :
أحدهما : أن يكون الفرض فيه على الكفاية ، لكثرة من يتحمل ويؤدي ، وزيادتهم على العدد المشروط في الحكم ، فداعي الشهود إلى التحمل والأداء ، مخير في الابتداء بدعاء أيهم شاء ، فإذا بدأ باستدعاء أحدهم إلى تحمل الشهادة أو أدائها ، فقد اختلف في حكم فرضه إذا ابتدئ على وجهين :
أحدهما : أنه يتعين عليه فرض الإجابة ، إلا أن يعلم أن غيره يجيب ، فلا يتعين عليه .
والوجه الثاني : أنه لا يتعين عليه فرض الإجابة ، إلا أن يعلم أن غيره لا يجيب ، فيتعين عليه الفرض ، فيكون على الوجه الأول عاصيا حتى يجيب غيره ، وعلى الوجه الثاني غير عاص حتى يمتنع غيره ، فإذا أجاب إلى التحمل والأداء العدد المشروط في الشهادة سقط فرضها عن الباقين ، وإن امتنعوا جميعا جرحوا أجمعين ، وكان المبتدئ بالاستدعاء أغلظهم مأثما ، لأنه صار متبوعا في الامتناع ، كما لو بدأ بالإجابة كان أكثرهم أجرا ، لأنه صار متبوعا فيها .