الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : والحال الثالثة : أن يكون فرض التحمل على الكفاية ، وفرض الأداء على الأعيان ، لأنهم عند التحمل أكثر من عدد الشهادة فلم يخفض الفرض ببعضهم ، وصار على الكفاية ، وهم عند الأداء مقصورون على عدد الشهادة فأخفض الفرض بهم وتعين عليهم فيجري على كل واحد منهم حكمه في اعتبار الكفاية في التحمل ، وتعين الفرض في الأداء ، فإن مات أحد شاهدي الأداء وبقي الآخر لم يخل حال المشهود من إحدى حالين :

أحدهما : أن يكون مما لا يحكم فيه بالشاهد واليمين ، كالنكاح ، والطلاق ، وجناية العمد ، فيسقط فرض الأداء عن الباقي ، لأنه لا يثبت بشهادته حق .

والحال الثانية : أن يكون مما يجوز أن يحكم فيه بالشاهد واليمين ، فلا يخلو حال الشاهد المؤدي والحاكم المشهود عنده من أربعة أحوال :

أحدهما : أن يكون ممن يرى الحكم بالشاهد واليمين ، فيجب على الشاهد أن يشهد ، وعلى المشهود عنده أن يحكم .

والحالة الثانية : أن يكون ممن لا يرى الحكم بالشاهد واليمين ، فلا يجب على الشاهد أن يشهد ، ولا يجوز للحاكم أن يحكم .

والحال الثالثة : أن يكون الشاهد ممن يرى الحكم بالشاهد واليمين ، والحاكم ممن لا يرى الحكم به ، فلا يجب على الشاهد أن يشهد ، لأنه لا يتعلق بشهادته إلزام .

[ ص: 53 ] والحال الرابعة : أن يكون الشاهد ممن لا يرى الحكم بالشاهد واليمين ، والحاكم ممن يرى الحكم به ، فعلى الشاهد أن يشهد ، لأنه وإن كان ممن لا يرى ذلك فهو يعتقد أن ما يشهد به حق واجب ، وإن كان في التزام الحكام غير واجب ، والإلزام معتبر باجتهاد الحاكم دون اجتهاد الشاهد ، وهكذا لو كان اليمين مع الشاهد امرأتان ، فيما اختلف فيه الحكم بالشاهد والمرأتين ، كان معتبرا بهذه الأحوال الأربعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية